تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٦٠
نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) بتكذيبه بحال من يريد أن ينفخ في نور عظيم، يريد الله أن يبلغه الغاية القصوى من الإضاءة والإنارة ليطفئه بنفخه * (ليظهره) * أي: ليظهر الرسول على أهل الأديان كلهم، أو ليظهر دين الحق على كل دين، وقد أجرى " أبى " مجرى لم يرد، ولذلك قابل * (يريدون أن يطفئوا) * بقوله: * (ويأبى الله) * فكأنه قال: ولا يريد الله إلا أن يتم نوره.
* (يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموا ل الناس بالبطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم (34) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون (35)) * أكل المال * (بالباطل) *: عبارة عن أخذه وتناوله من الجهة التي يحرم منها أخذه، والمعنى: أنهم كانوا يأخذون الرشا في الاحكام وفي تخفيف الشرائع عن عوامهم * (والذين يكنزون) * يحتمل أن يكون إشارة إلى الكثير من الأحبار والرهبان، ويحتمل أن يكون المراد به المسلمين الكانزين غير المنفقين، قرن بينهم وبين المرتشين من اليهود والنصارى، وعنى بترك الإنفاق في سبيل الله: منع الزكاة.
وفي الحديث: " ما أدي زكاته فليس بكنز وإن كان باطنا، وما بلغ أن يزكى فلم يزك فهو كنز وإن كان ظاهرا " (1).
* (ولا ينفقونها) * الضمير يرجع إلى المعنى، لأن كل واحد من الذهب والفضة

(1) رواه الشيخ الطوسي في أماليه: ج 2 ص 133 باسناده عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلى الله عليه وآله).
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»