تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٧١
كارهون (54) فلا تعجبك أموا لهم ولا أولدهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون (55)) * * (طوعا أو كرها) * حال، أي: طائعين أو مكرهين، وهو أمر في معنى الخبر، والمعنى: * (لن يتقبل منكم) * ما أنفقتم طوعا أو كرها، ونحوه قوله: * (استغفر لهم أولا تستغفر لهم) * (1) وقول كثير (2):
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة * لدينا ولا مقلية إن تقلت (3) أي: لن يغفر الله لهم استغفرت لهم أو لم تستغفر لهم، ولا نلومك أسأت إلينا أو أحسنت، وإنما يجوز هذا إذا دل الكلام عليه، كما جاز عكسه في قولك: رحم الله زيدا، أو الله غفر له * (إنكم كنتم قوما فاسقين) * تعليل لرد إنفاقهم.
* (أنهم كفروا) * فاعل " منع "، أي: لم يمنع المنافقين قبول نفقاتهم إلا كفرهم * (بالله وبرسوله) *، وقرئ: * (تقبل) * بالتاء والياء (4)، والإعجاب بالشئ أن تسر به سرور راض به متعجب من حسنه، والمعنى: فلا تستحسن ما أوتوا من زينة الدنيا، فإن الله أعطاهم ذلك للعذاب، بأن عرضه للغنائم والسبي وبلاهم فيه

(١) التوبة: ٨٠.
(2) هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود الخزاعي، شاعر مشهور من أهل الحجاز، وصاحبته عزة وإليها ينسب، وكان عفيفا، قال ابن قتيبة: وكان رافضيا، وقال لما حضرته الوفاة:
برئت إلى الإله من ابن أروى * ومن دين الخوارج أجمعينا ومن عمر برئت ومن عتيق * غداة دعي أمير المؤمنينا راجع الشعر والشعراء لابن قتيبة: ص 316 - 329.
(3) وهي من قصيدة يجيب فيها عزة لما سمعها تسبه حين أرغمها زوجها على ذلك، وهي من منتخبات قصائده، والتزم فيها مالا يلزم الشاعر، وذلك اللام قبل حرف الروى، اقتدارا في الكلام وقوة في الصناعة. راجع ديوان كثير عزة: ص 57.
(4) وبالياء قرأه حمزة والكسائي وزيد بن علي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد:
ص 315، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 5 ص 53.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»