تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٥
فيها أن يتجرد من الآباء والأبناء والعشائر وجميع حظوظ الدنيا لأجل الدين.
اللهم وفقنا لما يوافق رضاك حتى نحب فيك الأبعدين ونبغض فيك الأقربين.
* (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين (25) ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين (26) ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم (27)) * * (مواطن) * الحرب: مقاماتها ومواقفها، و * (حنين) *: واد بين مكة والطائف، كانت فيه الوقعة بين المسلمين وهم اثنا عشر ألفا منهم عشرة آلاف حضروا فتح مكة وقد انضم إليها من الطلقاء ألفان، وبين هوازن وثقيف وهم أربعة آلاف في من انضوى إليهم من أمداد (1) العرب، فلما التقوا قال رجل من المسلمين: لن نغلب اليوم من قلة، فساءت مقالته رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقيل: إن قائلها أبو بكر (2) وذلك قوله: * (أعجبتكم كثرتكم) * فاقتتلوا قتالا شديدا، وأدركت المسلمين كلمة الإعجاب بالكثرة فانهزموا حتى بلغ فلهم (3) مكة، وبقي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مركزه لا يتحلحل (4)، وبقي علي (عليه السلام) ومعه الراية يقاتلهم والعباس بن عبد المطلب آخذ بلجام بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن يمينه وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب (5)

(١) بفتح الهمزة بمعنى الجيش والقوت، وبكسرها بمعنى الإعانة. (المصباح المنير: مادة مدد).
(2) ذكره الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 259.
(3) فلهم: انهزامهم. (القاموس المحيط: مادة فل).
(4) تحلحل عن مكانه: زال. (القاموس المحيط: مادة حلحل).
(5) هو المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخاه من الرضاعة، أرضعته حليمة السعدية، فلما بعث النبي (صلى الله عليه وآله) عاداه وهجاه، وكان شاعرا، وأسلم عام الفتح هو وولده جعفر، مات في خلافة عمر سنة عشرين وصلى عليه عمر ودفن بالبقيع. انظر الكنى والألقاب للقمي: ج 1 ص 86.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»