تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١٦٩
مكاني الإجراء والإرساء، وانتصابهما بما في * (بسم الله) * من معنى الفعل، أو بما فيه من إرادة القول، وروي: أن نوحا كان يقول إذا أراد أن تجري: " بسم الله " وإذا أراد أن ترسو: " بسم الله " (1)، ويجوز أن يراد: بالله إجراؤها وإرساؤها، أي: بأمره ومشيئته، والاسم مقحم (2).
* (وهي تجري بهم) * معناه: أن السفينة تجري بنوح ومن معه على الماء * (في) * أمواج * (كالجبال) * في عظمها وارتفاعها.
وقرأ علي (عليه السلام): " ونادى نوح ابنه " بفتح الهاء (3)، اكتفي بالفتحة عن الألف، وروي أيضا: " ابنها " (4) والضمير لامرأته * (وكان في معزل) * وهو مفعل من عزله عنه: إذا نحاه وأبعده، يعني: وكان في مكان عزل فيه نفسه عن أبيه وعن مركب المؤمنين، وقيل: كان في معزل عن دين أبيه (5)، * (يبنى) * قرئ بفتح الياء وكسرها (6)، فالكسر للاقتصار عليه من ياء الإضافة، والفتح للاقتصار عليه من الألف المبدلة من ياء الإضافة في قولك: يا بنيا، أو سقطت الياء والألف لالتقاء

(١) رواها الطبري في تفسيره: ج ٧ ص ٤٥ عن الضحاك.
(٢) قحمه تقحيما: إذا أدخله في الأمر بلا روية. والمراد هنا: أن لفظ الاسم في قوله تعالى:
* (بسم الله مجريها) * ادخل بين الجار والمجرور بقصد المبالغة في عظمة الله سبحانه وقدرته.
(٣) رويت هذه القراءة عن علي (عليه السلام) وعلي بن الحسين وابنه الباقر وابنه الصادق (عليهم السلام) وعروة ابن الزبير وهشام بن عروة. قال القرطبي: وزعم أبو حاتم أنها تجوز على أنه يريد " ابنها " فحذف الألف كما تقول: " ابنه " فتحذف الواو، وقال النحاس: وهذا الذي قاله أبو حاتم لا يجوز على مذهب سيبويه، لأن الألف خفيفة فلا يجوز حذفها، والواو الثقيلة يجوز حذفها.
راجع تفسير القرطبي: ج ٩ ص ٣٨، والبحر المحيط لأبي حيان: ج ٥ ص ٢٢٦.
(٤) ورويت أيضا عن علي (عليه السلام) وعروة. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص ٦٥، والبحر المحيط لأبي حيان: ج ٥ ص ٢٢٦.
(٥) ذكره الزجاج في معاني القرآن: ج 3 ص 54.
(6) وبالكسر قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة وابن عامر والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 334.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»