تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٨٥
كان الضمير مردودا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فالمعنى: وإن ارتبتم في أن محمدا (صلى الله عليه وآله) منزل عليه فهاتوا قرآنا من مثله، و " الشهداء " جمع شهيد بمعنى الحاضر أو القائم بالشهادة، والمعنى: ادعوا كل من يشهدكم واستظهروا به من الجن والإنس إلا الله تعالى فإنه القادر على أن يأتي بمثله دون كل شاهد.
* (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين) * (24) لما أرشدهم سبحانه إلى الوجه الذي منه يعرفون صحة نبوة النبي (صلى الله عليه وآله) قال لهم: فإذا لم تعارضوه بسورة مثله، ولم يتيسر لكم ذلك، وبان لكم أنه معجز، فآمنوا واتقوا النار المعدة لمن كذب، وفيه دليلان على إثبات نبوته (صلى الله عليه وآله): صحة كون القرآن معجزا، والإخبار بأنهم لن يفعلوا أبدا، وهو غيب لا يعلمه إلا الله.
والوقود: ما يوقد به النار وهو الحطب، والمعنى في قوله: * (وقودها الناس والحجارة) * أنها نار ممتازة عن النيران الأخر، بأنها لا تتقد إلا بالناس والحجارة، وقرن الناس بالحجارة، لأنهم قرنوا بها أنفسهم في الدنيا، حيث نحتوها أصناما، وجعلوها لله أندادا، وعبدوها من دونه، قال سبحانه: * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) * (1)، ومعنى * (أعدت) *: هيئت وجعلت عدة لعذابهم.
* (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنت تجرى من تحتها الأنهر كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشبها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خلدون) * (25) ثم ذكر سبحانه الترغيب بعد الترهيب، وشفع الإنذار بالبشارة، فبشر عباده الذين جمعوا بين الإيمان وصالح الأعمال بعد أن أنذر الكفار وأوعدهم بالعذاب

(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»