تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٧٢٠
أي: نصبنا الأدلة التي تشهد العقول على صحتها كراهة أن تقولوا * (يوم القيمة إنا كنا عن هذا غافلين) * لم ننبه عليه * (أو) * كراهة أن * (تقولوا) *: * (إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم) * فاقتدينا بهم، لأن نصب الأدلة على التوحيد قائم معهم، فلا عذر لهم في الإعراض عنه والإقبال على تقليد الآباء والاقتداء بهم، سورة الأعراف / 175 كما لا عذر لآبائهم في الشرك وقد نصبت الأدلة لهم على التوحيد * (أفتهلكنا بما فعل المبطلون) * أي: كانوا السبب في شركنا لتأسيسهم الشرك لنا وتقدمهم فيه (1) * (وكذلك) * أي: ومثل ذلك التفصيل البليغ * (نفصل الآيات) * لهم * (ولعلهم يرجعون) * وإرادة أن يرجعوا عن شركهم نفصلها، وقرئ: " أن يقولوا " بالياء (2).

(١) قال في تفسير القرطبي: ج ٧ ص ٣١٤: قلت: وفي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه تعالى أخرج الأشباح فيها الأرواح من ظهر آدم (عليه السلام)، وروى مالك في موطئه أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية * (وإذ أخذ ربك من بني ادم... غافلين) * فقال عمر: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسأل عنها فقال: إن الله تعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون... إلى أن قال: قال أبو عمر: هذا حديث منقطع الاسناد لأن مسلم بن يسار لم يلق عمر، وقال فيه يحيى بن معين: مسلم بن يسار لا يعرف، بينه وبين عمر نعيم بن ربيعة، ذكره النسائي، ونعيم هذا غير معروف بحمل العلم.
انتهى قوله.
قال الشيخ الطوسي (قدس سره): فأما ما روي أن الله تعالى أخرج ذرية آدم من ظهره وأشهدهم على أنفسهم وهم كالذر فان ذلك غير جائز، لأن الأطفال فضلا عمن هو كالذر لا حجة عليهم ولا يحسن خطابهم بما يتعلق بالتكليف، ثم إن الآية تدل على خلاف ما قالوه لأن الله تعالى قال: * (وإذ أخذ ربك من بني ادم) * وقال: * (من ظهورهم) * ولم يقل: من ظهره، وقال:
* (ذريتهم) * ولم يقل: ذريته، ثم قال: * (أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) * فأخبر أن هذه الذرية قد كان قبلهم آباء مبطلون وكانوا هم بعدهم. على أن راوي هذا الخبر سليمان بن بشار الجهني، وقيل: مسلم بن بشار عن عمر بن الخطاب، وقال يحيى بن معين: سليمان هذا لا يدري أين هو. راجع التبيان: ج ٥ ص ٢٨ - ٢٩.
(٢) وهي قراءة أبي عمرو وحده. راجع التبيان: ج ٥ ص ٢٦، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 298، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 4 ص 421.
(٧٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 715 716 717 718 719 720 721 722 723 724 725 ... » »»