لقومه حين قالوا له: * (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) * (1) ولذلك دعاهم سفهاء وضلالا، وقال لما أخذتهم الرجفة: * (أتهلكنا بما فعل السفهاء منا) * (2)، ولم يسأل ذلك إلا بعد أن أنكر عليهم ونبههم على الحق فلجوا وتمادوا في لجاجهم، فأراد أن يسمعوا النص من عند الله باستحالة الرؤية عليه وهو قوله: * (لن تريني) * ليتيقنوا وتزول شبهتهم، ومعنى * (لن) *: تأكيد النفي الذي يعطيه " لا "، وذلك أن " لا " لنفي المستقبل، تقول: لا أفعل غدا، فإذا أكدت النفي قلت: لن أفعل غدا (3)، والمعنى: أن فعله ينافي حالي، كقوله سبحانه: * (لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له) * (4)، فقوله:
* (لا تدركه الابصار) * (5) نفي للرؤية فيما يستقبل، وقوله: * (لن تريني) * تأكيد وبيان أن الرؤية منافية لصفاته * (ولكن انظر إلى الجبل) * معناه: أن النظر إلي محال فلا تطلبه ولكن عليك بنظر آخر وهو أن تنظر إلى الجبل الذي يرجف بك وبمن طلبت الرؤية لأجلهم كيف أفعل به، وكيف أجعله دكا بسبب طلبك الرؤية لتستعظم ما أقدمت عليه بما أريك من عظم أثره، كأنه جل جلاله حقق عند طلب الرؤية ما مثله عند نسبة الولد إليه في قوله: * (وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا) * (6)، * (فإن استقر مكانه) * كما كان مستقرا ثابتا * (فسوف تريني) * تعليق لوجود الرؤية بوجود مالا يكون من استقرار الجبل مكانه حين يدكه دكا ويسويه