تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٥٢٥
للمؤمنين ولين عريكة النصارى وميلهم إلى الإسلام، وقرن اليهود بالمشركين في العداوة، ونبه على تقدم قدمهم فيها بتقديم ذكرهم، وعلل سهولة مأخذ النصارى وقرب مودتهم للمؤمنين * (بأن منهم قسيسين ورهبانا) * أي: علماء وعبادا * (وأنهم) * قوم فيهم تواضع وإخبات ولا كبر فيهم، واليهود على خلاف ذلك، وفيه دلالة على أن العلم يهدي إلى الخير وينفع في أبواب البر، وكذلك التأله والتفكر في أمر (1) الآخرة والبراءة من الكبر، ثم وصفهم برقة القلوب والبكاء عند استماع القرآن، وذلك نحو ما حكي عن النجاشي أنه قال لجعفر بن أبي طالب حين اجتمع في مجلسه المهاجرون إلى الحبشة وعمرو بن العاص (2) مع من معه من المشركين وهم يغرونه عليهم: هل في كتابكم ذكر مريم؟ فقال جعفر: فيه سورة تنسب إليها، وقرأها إلى قوله: * (ذلك عيسى ابن مريم) * (3) وقرأ سورة طه إلى قوله: * (وهل أتيك حديث موسى) * (4) فبكى النجاشي (5)، وكذلك فعل قومه الذين وفدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم سبعون رجلا حين قرأ عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) سورة يس فبكوا (6). واللام في * (للذين آمنوا) * يتعلق ب‍ * (عداوة) * و * (مودة) *، ووصف

(١) في بعض النسخ: أمور.
(٢) هو عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي، أحد عظماء العرب ودهاتهم، وأولي الرأي والحزم والمكيدة فيهم، كان في الجاهلية من الأشداء على الاسلام، أسلم في هدنة الحديبية، ولاه النبي (صلى الله عليه وآله) إمرة جيش ذات السلاسل، ثم استعمله على عمان، ولما كانت الفتنة بين أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعاوية كان مع معاوية حتى ولاه معاوية على مصر سنة ٣٨ ه‍، وأطلق له خراجها ست سنين فجمع أموالا طائلة، مات بمصر سنة ٤٣ ه‍. (الاستيعاب بهامش الإصابة: ج ٢ ص ٥٠١، الأعلام للزركلي: ج ٥ ص ٧٩).
(٣) مريم: ٣٤.
(٤) طه: ٩.
(٥) تفسير القمي: ج ١ ص ١٧٦ - ١٧٨.
(٦) انظر تفسير الطبري: ج ٥ ص ٦ ح ١٢٣٢٨، وتفسير القمي: ج ١ ص ١٧٨ - 179 وفيه:
" ثلاثين رجلا ".
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»