تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٥١٨
عن ابن عباس: نزلت في جماعة من اليهود قالوا للنبي (عليه السلام): ألست تقر بأن التوراة من عند الله؟ قال: بلى، قالوا: فإنا نؤمن بها ولا نؤمن بما عداها (1). والمعنى:
* (لستم على) * دين يعتد به حتى يسمى شيئا لفساده وبطلانه، كما يقال: هذا ليس بشئ يراد به التحقير * (حتى تقيموا التوراة والإنجيل) * بالتصديق لما فيهما من البشارة بمحمد والعمل بما فيهما * (وما أنزل إليكم من ربكم) * وهو القرآن * (فلا تأس) * أي: فلا تتأسف عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم فإن ضرر ذلك يرجع إليهم لا إليك.
* (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صلحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * (69) سورة المائدة / 69 و 70 * (والصابئون) * رفع على الابتداء وخبره محذوف، والنية به التأخير عما في حيز * (إن) * أي: والصابئون كذلك، واستشهد لذلك سيبويه (2) (3) بقول الشاعر:
وإلا فاعلموا أنا وأنتم * بغاة ما بقينا في شقاق (4)

(١) حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج ٣ ص ٥٨٩ - 590.
(2) هو عمرو بن عثمان بن قنبر أبو بشر، فارسي الأصل وينتمي بالولاء إلى الحارث بن كعب ابن أدد، وسيبويه لقب عرف به ولم يلقب به أحد، ولد بالبيضاء بفارس، وقيل: في الأهواز، ثم هاجر مع أهله إلى البصرة فنشأ بها، وطفق يطلب العلم، وعنى عناية شديدة بعلم النحو، توفي سنة 180 ه‍ على الأرجح بشيراز وقبره بها، وقيل: بالأهواز، وقيل: بساوة. (طبقات النحاة:
ج 2 ص 206، طبقات النحويين للزبيدي: ص 73).
(3) كتاب سيبويه: ج 2 ص 156.
(4) البيت من الوافر، وهو من قصيدة لبشر بن أبي خازم الأسدي، مطلعها:
أهمت منك سلمى بانطلاق * وليس وصال غانية بباقي وسبب هذا الشعر كما نقله ابن السيرافي في شرح أبيات سيبويه: أن قوما من آل بدر الفزاريين جاوروا بني لأم من طي، فعمد بنو لأم إلى الفزاريين فجزوا نواصيهم وقالوا: قد مننا عليكم ولم نقتلكم، وبنو فزارة حلفاء بني أسد، فغضب بنو أسد لأجل ما صنع بالبدريين، فأنشأ بشر هذه القصيدة يذكر فيها ما صنع ببني بدر ويقول للطائيين: فإذ قد جززتم نواصيهم فاحملوها إلينا وأطلقوا من قد أسرتم منهم، وإن لم تفعلوا فاعلموا أنا نبغيكم ونطلبكم، فإن أصبنا أحدا منكم طلبتمونا به، فصار كل واحد منا يبغي صاحبه، فنبقى في شقاق وعداوة أبدا. راجع ديوان بشر الأسدي: ص 165 يهجو أوس بن حارثة وفيه " ما حيينا " بدل " ما بقينا "، وشرح السيرافي: ج 2 ص 14، وخزانة الأدب للبغدادي: ج 10 ص 297.
(٥١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 ... » »»