تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٩٢
أصحب النار وذلك جزاؤا الظالمين (29) فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين) * (30) سورة المائدة / 29 - 31 ابنا * (آدم) * هما: هابيل وقابيل أوحى الله تعالى إلى آدم أن يزوج كل واحد منهما توأمة الآخر، وكانت توأمة قابيل أجمل، فحسد عليها أخاه، فأبى ذلك، فقال لهما آدم: قربا قربانا فمن أيكما قبل زوجها (1)، فقبل قربان هابيل بأن نزلت نار فأكلته، فازداد قابيل حسدا وسخطا وتوعده بالقتل، أي: أتل نبأهما تلاوة ملتبسة بالحق والصدق موافقا لما في كتب الأولين، أو أتل عليهم وأنت محق صادق * (إذ قربا) * نصب بالنبأ أي: قصتهما في ذلك الوقت، ويجوز أن يكون بدلا من * (نبأ) * أي: نبأ ذلك الوقت على تقدير حذف المضاف، والقربان: اسم ما يتقرب به إلى الله تعالى، يقال: قرب نسكا وتقرب به * (قال لأقتلنك) * أي: قال الذي لم يتقبل قربانه منهما للذي تقبل قربانه: لأقتلنك * (قال إنما يتقبل الله من المتقين) * كأنه قال له:
لم تقتلني؟ قال: لأنه تقبل منك ولم يتقبل مني، فقال: إنما أوتيت من قبل نفسك لانسلاخك من لباس التقوى لا من قبلي فلم تقتلني؟ وفيه دليل على أن الله تعالى إنما يقبل الطاعة ممن هو زاكي القلب متق (2) * (ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك) * لأن إرادة القتل قبيحة، وإنما يحسن من المظلوم قتل الظالم على وجه المدافعة له طلبا للتخلص من غير أن يقصد إلى قتله، فكأنه قال: لئن ظلمتني لم أظلمك * (إني

(١) في بعض النسخ: أزوجها.
(٢) أراد (قدس سره) إذا أوقعها على وجهها بعدما وفق لها، وإلا فلا يمتنع أن تقع من الفاسق فتقبل فيستحق الثواب عليها هذا إذا وفق لها. قال الشيخ الطوسي: إنما يستحق الثواب على الطاعات من يوقعها لكونها طاعة، فأما إذا فعلها لغير ذلك فإنه لا يستحق عليها ثوابا، فإذا ثبت ذلك فلا يمتنع أن تقع من الفاسق يوقعها على الوجه الذي يستحق عليها الثواب فيستحق الثواب، ولا تحابط عندنا بين ثوابه وما يستحق عليه العقاب. (راجع التبيان:
ج ٣ ص ٤٩٤
).
(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»