تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٥٩
عليهم) * فيما بعد على أن قوله: * (فبظلم من الذين هادوا) * بدل من قوله: * (فبما نقضهم) * (1)، * (وقولهم قلوبنا غلف) * أي: في أكنة لا يصل إليها شئ من الموعظة والذكر، فرد الله عليهم بقوله: * (بل طبع الله عليها بكفرهم) * أي: خذلها الله ومنعها الألطاف بسبب كفرهم فصارت كالمطبوع عليها * (وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما) * يجوز أن يكون عطفا على ما يليه من قوله: * (بكفرهم) * والوجه: أن يعطف على * (فبما نقضهم) * ويكون قوله: * (بل طبع الله عليها بكفرهم) * كلاما تابعا لقوله: * (وقولهم قلوبنا غلف) * على وجه الاستطراد. والبهتان العظيم هو التزنية، وروي: أن جماعة من اليهود سبوا عيسى (عليه السلام) وسبوا أمه فقال: " اللهم أنت ربي وبكلمتك خلقتني، اللهم العن من سبني وسب والدتي " فمسخ الله من سبهما قردة وخنازير، فاجتمعت اليهود على قتله، فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء ويطهره من صحبة اليهود، وقال لأصحابه: أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي فيقتل ويصلب فيكون معي في درجتي؟ فقال له شاب منهم: يا نبي الله أنا، فألقى الله عليه شبهه فقتل وصلب وهم يظنون أنه عيسى (2) * (ولكن شبه لهم) * أسند * (شبه) * إلى الجار والمجرور كقولك: خيل إليه، كأنه قيل: ولكن وقع لهم التشبيه، أو أسند إلى ضمير المقتول الذي يدل عليه قوله: * (إنا قتلنا) * كأنه قيل: ولكن شبه لهم من قتلوه * (وإن الذين اختلفوا فيه) * في عيسى أنه قتل أو لم يقتل، وقيل:
اختلفوا في أنه إله أو ابن إله (3) * (لفى شك منه ما لهم) * بعيسى * (من علم إلا اتباع الظن) * استثناء منقطع، لأن اتباع الظن ليس من جنس العلم، أي: ولكنهم

(١) انظر تفصيل ذلك في الكشاف: ج ١ ص ٥٨٥، وتفسير القرطبي: ج ٦ ص ٧.
(2) رواها الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 587.
(3) قاله الحسن على ما حكاه عنه القرطبي في تفسيره: ج 6 ص 9.
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»