تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٢٩٩
* (أن يؤتى) * والضمير في * (يحاجوكم) * ل‍ * (أحد) * لأنه في معنى الجمع، يعني:
ولا تؤمنوا * (ل‍) * غير * (من تبع دينكم) * إن المسلمين يحاجونكم يوم القيامة بالحق ويغالبونكم عند الله بالحجة، ومعنى الاعتراض بقوله: * (قل إن الهدى هدى الله) * أن المراد بذلك: قل يا محمد لهم: إن من شاء الله أن يوفقه حتى يسلم أو يزيد ثباته على الإسلام كان ذلك، ولم ينفع حيلتكم ومكركم، وكذلك قوله: * (قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء) * المراد به: الهداية والتوفيق.
وفي الآية وجه آخر: وهو أن يتم الكلام عند قوله: * (إلا لمن تبع دينكم) * على معنى: لا تؤمنوا هذا الإيمان الظاهر إلا لمن كانوا تابعين لدينكم ممن أسلموا منكم، لأن رجوعهم كان أرجى عندهم، ولأن الإسلام منهم كان أغيظ لهم، وقوله:
* (أن يؤتى أحد) * معناه: لأن يؤتى أحد * (مثل ما أوتيتم) * دبرتم ذلك وفعلتموه لا لشئ آخر، يعني: أن ما بكم من الحسد لمن أوتي مثل ما أوتيتم من فضل العلم والكتاب دعاكم إلى أن قلتم ما قلتم، والدليل عليه قراءة ابن كثير (1): " أأن يؤتى أحد " بزيادة همزة الاستفهام للتقرير والتوبيخ (2) بمعنى: ألان يؤتى أحد. ومعنى * (أو يحاجوكم) * على هذا أنكم دبرتم لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولما يتصل به عند كفركم من محاجتهم لكم عند ربكم.

(1) هو عبد الله بن كثير، أبو معبد الداري العطار، فارسي الأصل، إمام أهل مكة في القراءة وأحد القراء السبعة، أخذ القراءة عرضا عن عبد الله بن السائب وعرض على مجاهد بن جبر، روى القراءة عنه: إسماعيل القسط والخليل بن أحمد وشبل وغيرهم، وكان فصيحا بليغا مفوها، ولد سنة 45 ه‍ وتوفي سنة 120 ه‍. (وفيات الأعيان: ج 2 ص 245).
(2) راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 207، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 355، والتيسير في القراءات للداني: ص 89، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 80.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»