تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ١٩٧
بعرفات، وقيل: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس وهم الحمس (1)، أي: من المزدلفة إلى منى بعد الإفاضة من عرفات * (واستغفروا الله) * واطلبوا المغفرة من الله * (فإذا قضيتم مناسككم) * فإذا أديتم مناسككم، والمنسك: إما موضع النسك، أو مصدر جمع لأنه يشتمل على أفعال، أي: فإذا فرغتم من أفعال الحج * (فاذكروا الله كذكركم آباءكم) * فأكثروا ذكر الله وبالغوا فيه كما تفعلونه في ذكر آبائكم ومفاخرهم وأيامهم، وكانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا بين المسجد بمنى وبين الجبل فيعدون فضائل آبائهم ويذكرون أيامهم * (أو أشد ذكرا) * في موضع جر عطفا على ما أضيف إليه " الذكر " في قوله: * (كذكركم) * كما تقول: كذكر قريش آباءهم أو قوم أشد منهم ذكرا، أو في موضع نصب عطفا على * (آباءكم) * بمعنى:
أو أشد ذكرا من آبائكم على أن * (ذكرا) * من فعل المذكور * (فمن الناس من يقول) * فإن الناس من بين مقل لا يطلب بذكر الله إلا الدنيا ومكثر يطلب خير الدارين، فكونوا من المكثرين * (آتنا في الدنيا) * اجعل إيتاءنا أي: إعطاءنا في الدنيا خاصة * (وماله في الآخرة من خلق) * يعني: من طلب خلاق أي: نصيب، لأن همه مقصور على الدنيا * (أولئك) * الداعون بالحسنتين * (لهم نصيب) * من جنس ما * (كسبوا) * من الأعمال الحسنة وهو الثواب الذي هو المنافع الحسنة، أو من أجل ما كسبوا، أو لهم نصيب مما دعوا به يعطيهم منه بحسب مصالحهم في الدنيا واستحقاقهم في الآخرة، وسمى الدعاء كسبا لأنه من الأعمال والأعمال موصوفة بالكسب، ويجوز أن يكون * (أولئك) * للفريقين جميعا * (والله سريع الحساب) * يحاسب الخلائق على كثرة عددهم وكثرة أعمالهم لا يشغله حساب

(1) حكاه الزمخشري في كشافه: ج 1 ص 247.
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»