تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ١٨٩
ويجوز أن يريد الذين يناصبونكم القتال دون الصبيان والنساء، أو يريد الكفرة كلهم لأنهم جميعا يقصدون مقاتلة أهل الإسلام فهم في حكم المقاتلة فلا يكون حكم الآية منسوخا * (ولا تعتدوا) * بقتال من نهيتم عن قتاله أو بالمثلة أو بالمفاجأة من غير دعوة.
* (واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقتلوكم فيه فإن قتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين (191) فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم) * (192) * (حيث ثقفتموهم) * وجدتموهم * (وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) * أي:
أخرجوهم من مكة كما أخرجوكم منها، وقد فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الفتح بمن لم يسلم منهم * (والفتنة أشد من القتل) * أي: المحنة والبلاء الذي ينزل بالإنسان يتعذب به أشد عليه من القتل، جعل الإخراج من الوطن من المحن التي يتمنى عندها الموت، وقيل: الفتنة عذاب الآخرة كما قال: * (ذوقوا فتنتكم) * (1) (2)، وقيل: الشرك أعظم من القتل في الحرم، وذلك أنهم كانوا يستعظمون القتل في الحرم ويعيبون المسلمين به (3)، وقرئ: " ولا تقتلوهم...
حتى يقتلوكم فيه... فإن قتلوكم " (4)، جعل وقوع القتل في بعضهم كوقوعه فيهم،

(١) الذاريات: ١٤.
(٢) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج ١ ص ٢٣٦، وأبو حيان في البحر المحيط: ج ٢ ص ٦٦.
(٣) قاله الزمخشري في كشافه: ج ١ ص ٢٣٦.
(٤) قرأه حمزة والكسائي والأعمش. راجع السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص ١٧٩، والتبيان: ج ٢ ص ١٤٥، والتيسير في القراءات للداني: ص ٨٠، والكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج ١ ص ٢٨٥، والبحر المحيط لأبي حيان: ج ٢ ص ٦٧، وتفسير البغوي:
ج ١ ص ١٦٢
.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»