____________________
جزاء الشرط الجملتين أيضا، غير أنه صرف الأبد إلى مدة كونه قاذفا وهى تنتهي بالتوبة والرجوع عن القذف، وجعل الاستئناف متعلقا بالجملة الثانية. وحق المستثنى عنده أن يكون مجرورا بدلا من هم في لهم، وحقه عند أبي أبي حنيفة رضي الله عنه أن يكون منصوبا لأنه عن موجب. والذي يقتضيه ظاهر الآية ونظمها أن تكون الجمل الثلاث بمجموعهن جزاء الشرط كأنه قيل: ومن قذف المحصنات فاجلدوهم وردوا شهادتهم وفسقوهم: أي فاجمعوا لهم الجلد والرد التفسيق، إلا الذين تابوا عن القذف وأصلحوا فإن الله يغفر لهم فينقلبون غير مجلودين ولا مردودين ولا مفسقين. فإن قلت: الكافر يقذف فيتوب عن الكفر فتقبل شهادته بالاجماع، والقاذف من المسلمين يتوب عن القذف فلا تقبل شهادته عند أبي حنيفة رضي الله عنه، كأن القذف مع الكفر أهون من القذف مع الاسلام. قلت: المسلمون لا يعبئون بسب الكفار لانهم شهروا بعداوتهم والطعن فيها بالباطل، فلا يلحق المقذوف بقذف الكافر من الشين والشنار ما يلحقه بقذف مسلم مثله، فشدد على القاذف من المسلمين ردعا وكفا عن إلحاق الشنار. فإن قلت: هل للمقذوف أو للامام أن يعفو عن حد القاذف؟ قلت: لهما ذلك قبل أن يشهد الشهود ويثبت الحد، والمقذوف مندوب إلى أن لا يرافع القاذف ولا يطالبه بالحد، ويحسن من الامام أن يحمل المقذوف على كظم الغيظ ويقول له أعرض عن هذا ودعه لوجه الله قبل ثبا الحد، فإذا ثبت لم يكن لواحد منهما أن يعفو لأنه خالص حق الله ولهذا لم يصح أن يصالح عنه بمال. فإن قلت: هل يورث الحد؟ قلت: عند أبي حنيفة رضي الله عنه لا يورث لقوله صلى الله عليه وسلم " الحد لا يورث " وعند الشافعي رضي الله عنه يورث، وإذا تاب القاذف قبل أن يثبت الحد سقط. وقيل نزلت هذه الآية في حسان بن ثابت رضي الله عنه حين تاب مما قال في عائشة رضي الله عنها. قاذف امرأته إذا كان مسلما حرا بالغا عاقلا غير محدود في القذف والمرأة بهذه الصفة مع العفة صح اللعان بينهما إذا قذفها بصريح الزنا وهو أن يقول لها يا زانية أو زنيت أو رأيتك تزنين، وإذا كان الزوج عبدا أو محدودا في قذف والمرأة محصنة حد كما في قذف الأجنبيات وما لم ترافعه إلى الامام لم يجب اللعان. واللعان أن يبدأ الرجل فيشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنا، ويقول في الخامسة إن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا؟ وتقول المرأة أربع مرات أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا، ثم تقول في الخامسة: إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا. وعند الشافعي رضي الله عنه: يقام الرجل قائما حتى يشهد والمرأة قاعدة، وتقام المرأة والرجل قاعد حتى تشهد، ويأمر الامام من يضع يده على فيه ويقول له إني أخاف إن لم تكن صادقا أن تبوء بلعنة الله. وقال: اللعان بمكة بين المقام والبيت، وبالمدينة على المنبر، وبيت المقدس في مسجده، ولعان المشرك في الكنيسة وحيث يعظم، وإذا لم يكن له دين ففي مساجدنا إلا في المسجد الحرام لقوله تعالى - إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام - ثم يفرق القاضي بينهما، ولا تقع الفرقة بينهما إلا بتفريقه عند أبي حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم، إلا عند زفر فإن الفرقة تقع باللعان. وعن عثمان البتي: لا فرقة أصلا. وعند الشافعي رضي الله عنه: تقع بلعان لأزوج، وتكون هذه الفرقة في حكم التطليقة البائنة عند أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهما ولا يتأبد حكمها، فإذا أكذب الرجل نفسه