الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٦٣
* له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شئ عليم * شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه
____________________
الكناية، لأنهم إذا نفوه عمن يسد مسده وعمن هو على أخص أو صافه فقد نفوه عنه، ونظيره قولك للعربي:
العرب لا تخفر الذمم كان أبلغ من قولك أنت لا تخفر، ومنه قولهم قد أيفعت لداته وبلغت أترابه يريدون إيفاعه وبلوغه، وفي حديث رقيقة بنت صيفي في سقيا عبد المطلب " ألا وفيهم الطيب الطاهر لداته " والقصد إلى طهارته وطيبه، فإذا علم أنه من باب الكناية لم يقع فرق بين قوله ليس كالله شئ وبين قوله - ليس كمثله شئ - إلا ما تعطيه الكناية من فائدتها، وكأنهما عبارتان متعقبتان على معنى واحد وهو نفى المماثلة عن ذاته ونحوه قوله عز وجل - بل يداه مبسوطتان - فإن معناه: بل هو جواد من غير تصور يد ولا بسط لها، لأنها وقعت عبارة عن الجود لا يقصدون شيئا آخر حتى إنهم استعملوها فيمن لا يد له، فكذلك استعمل هذا فيمن له مثل ومن لامثل له، ولك أن تزعم أن كلمة التشبيه كررت للتأكيد كما كررها من قال * وصاليات ككما يؤثفين - ومن قال:
* فأصبحت مثل كعصف مأكول * وقرئ ويقدر (إنه بكل شئ عليم) فإذا علم أن الغنى خير للعبد أغناه وإلا أفقره (شرع لكم من الدين) دين نوح ومحمد ومن بينهما من الأنبياء، ثم فسر المشروع الذي اشترك هؤلاء الأعلام من رسله فيه بقوله (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) والمراد إقامة دين الإسلام الذي هو توحيد الله وطاعته والإيمان برسله وكتبه وبيوم الجزاء وسائر ما يكون الرجل بإقامته مسلما. ولم يرد الشرائع التي هي مصالح الأمم على حسب أحوالها فإنها مختلفة متفاوتة قال الله تعالى - لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا - ومحل أن أقيموا إما
(٤٦٣)
مفاتيح البحث: الرزق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 468 469 ... » »»