____________________
أراد بكل شئ كل شئ من الحيوان كما أراد به في قوله تعالى - والله على كل شئ قدير - كل شئ من المقدورات.
والمعنى أن نطقنا ليس بعجب من قدرة الله الذي قدر على إنطاق كل حيوان وعلى خلقكم وإنشائكم أول مرة وعلى إعادتكم ورجعكم إلى جزائه، وإنما قالوا لهم - لم شهدتم علينا - لما تعاظمهم من شهادتها وكبر عليهم من الافتضاح على ألسنة جوارحهم، المعنى: أنكم كنتم تستترون بالحيطان والحجب عند ارتكاب الفواحش، وما كان استتاركم ذلك خيفة أن يشهد عليكم جوارحكم لأنكم كنتم غير عالمين بشهادتها عليكم، بل كنتم جاحدين بالبعث والجزاء أصلا، ولكنكم إنما استترتم لظنكم (إن الله لا يعلم كثيرا مما) كنتم (تعملون) وهو الخفيات من أعمالكم، وذلك الظن هو الذي أهلككم. وفي هذا تنبيه على أن حق المؤمن أن لا يذهب عنه ولا يزل عن ذهنه أن عليه من الله عينا كالئة ورقيبا مهيمنا حتى يكون في أوقات خلواته من ربه أهيب وأحسن احتشاما وأوفر تحفظا وتصونا منه مع الملأ، ولا يتبسط في سره مراقبة من التشبه بهؤلاء الظانين. وقرئ ولكن زعمتم (وذلكم) رفع بالابتداء، و (ظنكم) و (أرداكم) خبران، ويجوز أن يكون ظنكم بدلا من ذلكم وأرداكم الخبر (فإن يصبروا) لم ينفعهم الصبر ولم ينفكوا به من الثواء في النار (وإن يستعتبوا) وإن يسألوا العتبى وهى الرجوع لهم إلى ما يحبون جزعا مما هم فيه لم يعتبوا لم يعطوا العتبى ولم يجابوا إليها، ونحوه قوله عز وعلا - أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص - وقرئ - وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين -: أي إن سئلوا أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون؟ أي لا سبيل لهم إلى ذلك (وقيضنا لهم) وقدرنا لهم: يعنى لمشركي مكة، يقال هذان ثوبان قيضان إذا كانا متكافئين، والمقايضة المعاوضة (قرناء) أخدانا من الشياطين جمع قرين كقوله تعالى - ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين - فإن قلت:
كيف جاز أن يقيض لهم القرناء من الشياطين وهو ينهاهم عن اتباع خطواتهم؟ قلت: معناه أنه أخذ لهم ومنعهم التوفيق لتصميمهم على الكفر فلم يبق لهم قرناء سوى الشياطين، والدليل عليه: ومن يعش نقيض (ما بين أيديهم
والمعنى أن نطقنا ليس بعجب من قدرة الله الذي قدر على إنطاق كل حيوان وعلى خلقكم وإنشائكم أول مرة وعلى إعادتكم ورجعكم إلى جزائه، وإنما قالوا لهم - لم شهدتم علينا - لما تعاظمهم من شهادتها وكبر عليهم من الافتضاح على ألسنة جوارحهم، المعنى: أنكم كنتم تستترون بالحيطان والحجب عند ارتكاب الفواحش، وما كان استتاركم ذلك خيفة أن يشهد عليكم جوارحكم لأنكم كنتم غير عالمين بشهادتها عليكم، بل كنتم جاحدين بالبعث والجزاء أصلا، ولكنكم إنما استترتم لظنكم (إن الله لا يعلم كثيرا مما) كنتم (تعملون) وهو الخفيات من أعمالكم، وذلك الظن هو الذي أهلككم. وفي هذا تنبيه على أن حق المؤمن أن لا يذهب عنه ولا يزل عن ذهنه أن عليه من الله عينا كالئة ورقيبا مهيمنا حتى يكون في أوقات خلواته من ربه أهيب وأحسن احتشاما وأوفر تحفظا وتصونا منه مع الملأ، ولا يتبسط في سره مراقبة من التشبه بهؤلاء الظانين. وقرئ ولكن زعمتم (وذلكم) رفع بالابتداء، و (ظنكم) و (أرداكم) خبران، ويجوز أن يكون ظنكم بدلا من ذلكم وأرداكم الخبر (فإن يصبروا) لم ينفعهم الصبر ولم ينفكوا به من الثواء في النار (وإن يستعتبوا) وإن يسألوا العتبى وهى الرجوع لهم إلى ما يحبون جزعا مما هم فيه لم يعتبوا لم يعطوا العتبى ولم يجابوا إليها، ونحوه قوله عز وعلا - أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص - وقرئ - وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين -: أي إن سئلوا أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون؟ أي لا سبيل لهم إلى ذلك (وقيضنا لهم) وقدرنا لهم: يعنى لمشركي مكة، يقال هذان ثوبان قيضان إذا كانا متكافئين، والمقايضة المعاوضة (قرناء) أخدانا من الشياطين جمع قرين كقوله تعالى - ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين - فإن قلت:
كيف جاز أن يقيض لهم القرناء من الشياطين وهو ينهاهم عن اتباع خطواتهم؟ قلت: معناه أنه أخذ لهم ومنعهم التوفيق لتصميمهم على الكفر فلم يبق لهم قرناء سوى الشياطين، والدليل عليه: ومن يعش نقيض (ما بين أيديهم