الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ١٢١
وما أنا بطارد المؤمنين. إن أنا إلا نذير مبين. قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين. قال رب إن قومي كذبون. فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين. فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون. ثم أغرقنا بعد الباقين. إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم.
كذبت عاد المرسلين. إذا قال لهم أخوهم هود ألا تتقون. إني لكم رسول أمين.
فاتقوا الله وأطيعون. وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين.
أتبنون بكل ربع آية تعبثون.
____________________
فتنساقون مع الجهل حيث سيركم وقصد بذلك رد اعتقادهم وإنكار أن يسمى المؤمن رذلا وإن كان أفقر الناس وأوضعهم نسبا، فإن الغنى غنى الدين والنسب نسب التقوى (وما أنا بطارد المؤمنين) يريد ليس من شأني أن أتبع شهواتكم وأطيب نفوسكم بطرد المؤمنين الذين صح إيمانهم طمعا في إيمانكم، وما على إلا أن أنذركم إنذارا بينا بالبرهان الصحيح الذي يتميز به الحق من الباطل ثم أنتم أعلم بشأنكم. ليس هذا بإخبار بالتكذيب لعلمه أن عالم الغيب والشهادة أعلم، ولكنه أراد أنى لا أدعوك عليهم لما غاظوني وآذوني، وإنما أدعوك لأجلك ولأجل دينك ولأنهم كذبوني في وحيك ورسالتك، فاحكم (بيني وبينهم) والفتاحة الحكومة والفتاح الحاكم لأنه بفتح المستغلق كما سمى فيصلا لأنه يفصل بين الخصومات. الفلك السفينة وجمعه فلك قال الله تعالى - وترى الفلك فيه مواخر - فالواحد بوزن قفل والجمع بوزن أسد كسروا فعلا على فعل كما كسروا فعلا على فعل لأنهما أخوان في قولك العرب والعرب والرشد والرشد فقالوا أسد وأسد وفلك وفلك، ونظيره بعير هجان وإبل هجان ودرع دلاص ودروع دلاص، فالواحد بوزن كناز والجمع بوزن كرام. والمشحون المملوء يقال شحنها عليهم خيلا ورجالا.
قرئ بكل ريع بالكسر والفتح وهو المكان المرتفع، قال المسيب بن علس:
في الآل يرفعها ويخفضها * ريع يلوح كأنه سحل ومنه قولهم: كم ريع أرضك؟ وهو ارتفاعها. والآية العلم، وكانوا ممن يهتدون بالنجوم في أسفارهم فاتخذوا في طرقهم أعلاما طوالا فعبثوا بذلك لأنهم كانوا مستغنين عنها بالنجوم. وعن مجاهد: بنوا بكل ريع بروج الحمام
(١٢١)
مفاتيح البحث: العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»