الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٦
ولو شاء الله لجمعهم على الهدى، فلا تكونن من الجاهلين. إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون. وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه، قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم.
____________________
إليها لتمادى حرصه على إيمانهم، فقيل له إن استطعت ذلك فافعل، دلالة على أنه بلغ من حرصه أنه لو استطاع ذلك لفعله حتى يأتيهم بما اقترحوا من الآيات لعلهم يؤمنوا. ويجوز أن يكون ابتغاء النفق في الأرض أو السلم في السماء وهو الإتيان بالآية كأنه قيل: لو استطعت النفوذ إلى ما تحت الأرض أو الرقي إلى السماء لفعلت لعل ذلك يكون لك آية يؤمنون عندها، وحذف جواب إن كما تقول: إن شئت أن تقوم بنا إلى فلان نزوره (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) بأن يأتيهم بآية ملجئة ولكنه لا يفعل لخروجه عن الحكمة (فلا تكونن من الجاهلين) من الذين يجهلون ذلك ويرومون ما هو خلافه (إنما يستجيب الذين يسمعون) يعني أن الذين تحرص على أن يصدقوك بمنزلة الموتى الذين لا يسمعون وإنما يستجيب من يسمع كقوله - إنك لا تسمع الموتى - (والموتى يبعثهم الله) مثل لقدرته على إلجائهم إلى الاستجابة بأنه هو الذي يبعث الموتى من القبور يوم القيامة (ثم إليه يرجعون) للجزاء، فكان قادرا على هؤلاء الموتى بالكفر أن يحييهم بالإيمان وأنت لا تقدر على ذلك. وقيل معناه: وهؤلاء الموتى يعني الكفرة يبعثهم الله ثم إليه يرجعون فحينئذ يسمعون، وأما قبل ذلك فلا سبيل إلى استماعهم. وقرئ يرجعون بفتح الياء (لولا نزل عليه آية) نزل بمعنى أنزل. وقرئ أن ينزل بالتشديد والتخفيف وذكر الفعل والفاعل مؤنث لأن تأنيث آية غير حقيقي وحسن للفصل، وإنما قالوا ذلك مع تكاثر ما أنزل من الآيات على رسول الله صلى الله عليه وسلم لتركهم الاعتداد بما أنزل عليه كأنه لم ينزل عليه شئ من الآيات عنادا منهم (قل إن الله قادر على أن ينزل آية) تضطرهم إلى الايمان كنتق الجبل على بني إسرائيل ونحوه، أو آية إن جحدوها جاءهم العذاب (ولكن أكثرهم)
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»