____________________
بالصفة فقارب المعرفة كقوله - ولعبد مؤمن خير من مشرك. فإن قلت: الكلام السائر أن يقال: عندي ثوب جيد ولي عبد كيس وما أشبه ذلك فما أوجب التقديم؟ قلت: أوجبه أن المعنى: وأي أجل مسمى عنده تعظيما لشأن الساعة، فلما جرى فيه هذا المعنى وجب التقديم (في السماوات) متعلق بمعنى اسم الله كأنه قيل وهو المعبود فيها ومنه قوله - وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله - أو وهو المعروف بالإلهية أو المتوحد بالإلهية فيها أو وهو الذي يقال له فيها لا يشرك به في هذا الاسم، ويجوز أن يكون الله في السماوات خبرا بعد خبر على معنى أنه الله وأنه في السماوات والأرض بمعنى أنه عالم بما فيهما، لا يخفى عليه منه شئ كان ذاته فيهما. فإن قلت: كيف موقع قوله (يعلم سركم وجهركم) قلت: إن أردت التوحد بالإلهية كان تقريرا له لأن الذي استوى في علمه السر والعلانية هو الله وحده وكذلك إذا جعلت في السماوات خبرا بعد خبر، وإلا فهو كلام مبتدأ بمعنى هو يعلم سركم وجهركم أو خبر ثالث (ويعلم ما تكسبون) من الخير والشر ويثيب عليه ويعاقب. من في (من آية) للاستغراق وفي (من آيات ربهم) للتبعيض: يعني وما يظهر لهم دليل قط من الأدلة التي يجب فيها النظر والاستدلال والاعتبار إلا كانوا عنه معرضين تاركين للنظر لا يلتفتون إليه ولا يرفعون به رأسا لقلة خوفهم وتدبرهم للعواقب (فقد كذبوا) مردود على كلام محذوف كأنه قيل: إن كانوا معرضين عن الآيات فقد كذبوا بما هو أعظم آية وأكبرها وهو الحق (لما جاءهم) يعني القرآن الذي تحدوا به على تبالغهم في الفصاحة فعجزوا عنه (فسوف يأتيهم أنباء) الشئ الذي (كانوا به يستهزءون) وهو القرآن: أي أخباره وأحواله بمعنى سيعلمون بأي شئ استهزءوا، وسيظهر لهم أنه لم يكن بموضع استهزاء، وذلك عند إرسال العذاب عليهم في الدنيا ويوم القيامة أو عند ظهور الاسلام وعلو كلمته.
مكن له في الأرض جعل له مكانا له فيها، ونحوه أرض له، ومنه قوله - إنا مكنا له في الأرض - أو لم نمكن لهم - وأما مكنته في الأرض فأثبته فيها ومنه قوله - ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه - ولتقارب المعنيين جمع بينهما في قوله
مكن له في الأرض جعل له مكانا له فيها، ونحوه أرض له، ومنه قوله - إنا مكنا له في الأرض - أو لم نمكن لهم - وأما مكنته في الأرض فأثبته فيها ومنه قوله - ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه - ولتقارب المعنيين جمع بينهما في قوله