الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ١٦٤
غشاوة ولهم عذاب عظيم
____________________
على حدة كان أدل على شدة الختم في الموضعين، ووحد السمع كما وحد البطن في قوله:
* كلوا في بعض بطنكم تعفوا * يفعلون ذلك إذا أمن اللبس فإذا لم يؤمن كقولك فرسهم وثوبهم وأنت تريد الجميع رفضوه، ولك أن تقول: السمع مصدر في أصله والمصادر لا تجمع، فلمح الأصل يدل عليه جمع الأذن في قوله - وفى آذاننا وقر - وأن تقدر مضافا محذوفا: أي وعلى حواس سمعهم. وقرأ ابن أبي عبلة وعلى أسماعهم.
فإن قلت: هلا منع أبا عمرو والكسائي من إمالة أبصارهم ما فيه من حرف الاستعلاء وهو الصاد؟ قلت: لأن الراء المكسورة تجلب المستعلية لما فيها من التكرير كأن فيها كسرتين، وذلك أعون شئ على الإمالة وأن يمال له مالا يمال. والبصر نور العين وهو ما يبصر به الرائي ويدرك المرئيات، كما أن البصيرة نور القلب وهو ما به يستبصر ويتأمل، وكنهما جوهر ان لطيفان خلقهما الله فيهما آلتين للإبصار والاستبصار. وقرئ (غشاوة) بالكسر والنصب وغشاوة بالضم والرفع، وغشاوة بالفتح والنصب، وغشوة بالكسر والرفع، وغشوة بالفتح والرفع والنصب، وعشاؤة بالعين غير المعجمة والرفع من العشا. والعذاب مثل النكال بناء ومعنى لأنك تقول: أعذب عن الشئ: إذا أمسك عنه كما تقول نكل عنه، ومنه العذب لأنه يقمع العطش ويردعه، بخلاف الملح فإنه يزيده ويدل عليه تسميتهم إياه نقاخا لأنه ينقخ العطش: أي يكسره، وفراتا لأنه يرفته على القلب، ثم اتسع فيه فسمى
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 150 151 154 155 164 166 167 173 174 175 ... » »»