في أن الإله مشتق اشتقاقا صغيرا أولا. فلا مجال لحمل كلام المصنف على غيره، كيف وقد جعل بيان الاشتقاق الأكبر اعتراضا لا مقصودا من الكلام. وأما قول الجوهري فمعارض بقول غيره من الأئمة ولو سلم فلتكن همزة الإله واوا وإن جعلها الجوهري أصلا (قوله في معرفة المعبود) أي الذي يعبد فاتخذ الناس آلهة وزعم كل أن الحق ما هو عليه (فكثر الضلال) في الأفكار (وفشا الباطل) أي في الاعتقاد (وقل النظر الصحيح) وما يؤدى إليه من الحق، وإن جعلت الإشارة في السؤال راجعة إلى الله فالمعنى أن الأوهام تتحير في معرفة ذاته وما يجوز عليه من أفعاله وصفاته. فإن قلت: هل يقصد بلفظ الله حال إطلاقه عليه الدلالة على معنى الحيرة؟ قالت: لا لأنه علم فلا يقصد به إلا الذات (قوله هل تفخم لامه) أي لام الله دون الإله. فإن قلت: الضمير في السؤال الأول والإشارة في الثاني إن أرجع إلى الإله ورجع الضمير في الثالث إلى غيره تفكك نظم الكلام. قلت: لفظ الله هو الإله بحذف الهمزة. فالمعنى على ذلك التقدير: هل يفخم لام الإله بعد حذف همزته إذ لا يتصور تفخيمها قبله. وأريد بالتفخيم ههنا ضد الترقيق وهو التغليظ. وقد يطلق على ما يقابل الإمالة وعلى إمالة الألف نحو مخرج الواو كالصلاة والزكاة (قوله قلت نعم) اعترض عليه بأنه على جريان التفخيم في اللام مطلقا ولا تفخيم بعد الكسرة اتفاقا لاستثقال علو التفخيم بعد الكسرة. وأجيب بأن السؤال عن جريانه على سنن الاستقامة أو تولده من تحريفات العامة لاعن محله لشهرته. فأجاب بصحته وأنه سنة: أي طريقة مسلوكة ثم بين أنها قديمة (قوله وعلى ذلك العرب كلهم) أي الذين شاهدناهم أو نقل إلينا كلامهم. وإطباقهم على التفخيم دليل على أنهم وجدوا عليه آباءهم الأقدمين فهم على آثارهم مقتدون (قوله كابرا عن كابر) قيل جملة وقعت حالا فنصب صدرها كقولهم بايعته يدا بيد. وكلمته فاه إلى في. قال الشاعر.
فتذكروها آخرا عن أول * وتوارثوا كابرا عن كابر وقيل مفعول ثان كقولك: ورثت زيدا مالا: أي ورثوه من كابر بعد كابر كقوله - طبقا عن طبق - أي بعد طبق واعترض عليه بفوات المقصود: أعني وصف كل واحد من الوارث والموروث منه بالكبر. ورد بأن ذلك إنما يقصد في الكبر بمعنى العز والشرف. وأما في كبر السن فلا. ولعله المقصود ههنا. ويؤيده ما نقله من أنه قد يقال:
ورثوه صاغرا عن كابر. على أن الغرض الأصلي بيان القدم وجعله مفعولا ثانيا أدل عليه كما يقال: ورثوه من أب بعد أب. وقيل كابرا مفرد وقع حالا كما أن صاغرا كذلك: أي ورثوه كابرين عن كابرين أو صاغرين عن كابرين. والإفراد لكونه بمعنى جمعا كابرا أو صاغرا كما في قوله تعالى - سامرا تهجرون - أي جمعا سامرا. ويرد عليه أن هذه العبارة كما لا تختلف جمعا وإفرادا كذلك لا تختلف تأنيثا وتثنية فيقال: ورثته كابرا عن كابر. وتوارثاه كابرا عن كابر وجوز في صاغرا أن يكون تمييزا: أي ورثه صاغرهم عن كابرهم. وجاز أن يكون مثل كابرا صدرا