وتنكر أخرى، وتجمع في حالتيهاو تجرى على أسماء الإشارة صفة لها نحو ذلك الجنة، ومعنى لحوقها بالأعلام أنها عند الإطلاق تنصرف إلى المعين، وإن كان مفهومها في نفسه كليا، وكذا الحال في النبي والرسول إذ المتبادر منهما عند الإطلاق محمد صلى الله عليه وآله مع بقائهما على مفهومهما الأصلي، وقد مر أن الكتاب مع اللام صار علما بالغلبة، ففي عرف الأصول لكتاب الله، وفى عرف العربية لكتاب سيبويه (قوله الجنة اسم لدار الثواب كلها) أي اسم للقدر المشترك بين مجموع دار الثواب وأجزائها فينطلق عليها كلها (قوله وفيها جنان على مراتب متفاوتة بحسب الاستحقاقات) فلكل طبقة من العاملين جنات متعددة واقعة في مرتبة واحدة فجمعها لتعددها وتنكيرها لتنوعها،، ولا نزاع في إحباط الإيمان والعمل الصالح بالكفر والموت عليه بل في إحباطهما بالإقدام على الكبائر بلا توبة، وقد جعل الزمخشري ترك المعصية داخلا فيما أوجده المكلف (قوله فهلا شرط) أي ما ذكرناه شرط في استحقاق الثواب فهلا ذكر ذلك الشرط في نظم الآية. والجواب أنه تعالى جعل الثواب مستحقا بالإيمان والعمل الصالح حيث دل عليه ترتبه عليهما الدال على العلية وجعل (البشارة مختصة بمن يتولاهما) حيث رتبها على المتصف بهما فتنتفى عن غيره، وقد نصب لنا دليلا عقليا ونقليا على أن بقاء الاستحقاق بالإحسان يتوقف على عدم طرو ما يفسده ويخرجه عن كونه إحسانا، فلا حاجة إلى اشتراط حفظهما من الإحباط والهدم لأنه معلوم، فيكون كالداخل تحت الذكر، وقوله (كان اشتراط) جواب لما جعل (قوله كما ترى الأشجار الثابتة) الظاهر أن يقال كما ترى الأنهار الجارية تحت الأشجار الثابتة على شواطئها، لكنه نبه بعبارته هذه على أنه قصد تشبيه الهيئة المركبة بالهيئة المركبة فلم يلزمه ذلك، وما ذكره من كون جرى الماء في مكان أسفل من الشجر هو المعتاد، فإن أريد بالجنة الأشجار كما في قوله: جنة سحقا فذاك، وإن أريد بها الأرض فلا بد من تقدير مضاف: أي من تحت أشجارها، وكذا الحال في خلاف المعتاد الذي نقله عن مسروق، و (الأخدود) الشق المستطيل في الأرض
(٢٥٧)