وغنيمة أخرى - عن ابن عباس والحسن - إنها فارس والروم. وقال قتادة:
هي مكة (قد أحاط الله بها) أي قدر الله عليها وأحاط بها علما فجعلهم بمنزلة ما قد أدير حولهم بما يمنع ان يفلت أحد منهم (وكان الله على كل شئ قديرا) أي ما يصح أن يكون مقدورا له، فهو قادر عليه. ثم قال (ولو قاتلكم الذين كفروا) يعني من قريش يا معشر المؤمنين (لولوا الادبار) منهزمين بخذلانه إياهم ونصرة الله إياكم، ومعونته لكم - في قول قتادة - (ثم لا يجدون) يعني الكفار (وليا) يواليهم (ولا نصيرا) يدفع عنهم.
وقوله (سنة الله التي قد خلت من قبل) معناه سنة الله جارية في خذلانه أهل الكفر ونصرة أهل الايمان في ما مضى من الأمم السالفة، ونصره هو أمره بالقتال (ولن تجد) يا محمد " لسنة الله تبديلا " أي لن تجد لسنة الله ما يدفعها فالسنة الطريقة المستمرة في معنى ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها. ومن سن سنة سيئة فعليه اثمها واثم من عمل بها) والتبديل رفع أحد الشيئين وجعل الآخر مكانه، في ما حكم أن يستمر على ما هو به ولو رفع الله حكما يأتي بخلافه لم يكن تبديلا لحكمه لأنه لا يرفع شيئا إلا في الوقت الذي تقتضي الحكمة رفعه، وقال ابن عباس: كان المشركون بعثوا أربعين رجلا ليصيبوا من المسلمين، فأتى بهم رسول الله، فخلى سبيلهم، وهو المراد بقوله " وهو الذي كف أيديهم عنك " بالرعب " وأيديكم عنهم " بالنهي نزلت في أهل الحديبية وأهل مكة، لا في أهل خيبر. وقيل لهم ينهوا عن قتالهم، لأنهم لا يستحقون القتل بكفرهم وصدهم لكن للابقاء على المؤمنين الذين في أيديهم " ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم " يعني فتح مكة " وكان الله بما تعملون بصيرا " يدبركم بحسب ما تقتضيه مصالحكم وقوله " هم الذين كفروا " أي بوحدانية الله، وهم كفار قريش " وصدوكم