التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٢٩
من تخصيص الآية على كل حال. على أنه تعالى وصف من بايع تحت الشجرة بأوصاف قد علمنا أنها لم تحصل في جميع المبايعين، فوجب أن يختص الرضا بمن جمع الصفات لأنه قال (فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا) ولا خلاف بين أهل النقل ان الفتح الذي كان بعد بيعة الرضوان بلا فصل هو فتح خيبر. وإن رسول الله صلى الله عليه وآله عند ذلك قال: (لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يده) فدعا عليا فأعطاه الراية، وكان الفتح على يده، فوجب أن يكون هو المخصوص بحكم الآية، ومن كان معه في ذلك الفتح لتكامل الصفات فيهم. على أن ممن بايع بيعة الرضوان طلحة والزبير، وقد وقع منهما من قتال علي عليه السلام ما خرجا به عن الايمان وفسقا عند جميع المعتزلة ومن جرى مجراهم، ولم يمنع وقوع الرضاء في تلك الحال من مواقعة المعصية في ما بعد، فما الذي يمنع من مثل ذلك في غيره. وليس إذا قلنا:
أن الآية لا تختص بالرجلين، كان طعنا عليهما بل إذا حملناها على العموم دخلا، وكل متابع مؤمن معهما، فكان ذلك أولى.
وقوله (ومغانم كثيرة تأخذونها) يعني ما غنمتوه من خيبر من أنواع الغنائم (وكان الله عليما) بمصالح عباده (حكيما) في جميع أفعاله. ثم قال (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذ - ه) يعني غنائم خيبر. والباقي كل ما يغنمه المسلمون من دار الحرب (وكف أيدي الناس عنكم) يعني أسدا وغطفان، فإنهم كانوا مع خيبر فصالحهم النبي صلى الله عليه وآله فكفوا عنه. وقيل: يعني اليهود كف أيديهم عنكم بالمدينة من قبل الحديبية ومجئ قريش، فلم يغلبوكم (ولتكون آية للمؤمنين) يستدلون بها على صحة قولكم (ويهديكم) أي ويرشدكم (صراطا
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست