التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٣٢
عن المسجد الحرام " في الحديبية، وصدوكم أن تعتمروا وتطوفوا بالبيت " والهدي معكوفا أن يبلغ محله " أي المحل الذي يحل نحره فيه. والمعكوف المحبوس أي منعوا الهدي أيضا ليذبح بمكة، لان هدي العمرة لا يذبح إلا بمكة كما لا يذبح هدي الحج إلا بمنى، ثم قال " ولولا رجال مؤمنون " بالله ومصدقون بالنبي " ونساء مؤمنات " مثل ذلك بمكة - في قول قتادة - " لم تعلموهم " أي لم تعلموا بايمانهم " أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم " أي ينالكم أثم لأجلهم من غير علم منكم بذلك - في قول ابن زيد - وقال قوم: معناه عنت. وقال ابن إسحاق: هو غرم الدية في كفارة قتل الخطأ عتق رقبة مؤمنة ومن لم يطق فصيام شهرين، وهو كفارة قتل الخطأ في الحرب. وجواب لولا محذوف، وتقديره ولولا المؤمنون الذين لم تعلموهم لوطئتم رقاب المشركين بنصرنا إياكم. والمعكوف الممنوع من الذهاب في جهة بالإقامة في مكانه، ومنه الاعتكاف، وهو الإقامة في المسجد للعبادة، وعكف على هذا الامر يعكف عكوفا إذا أقام عليه. وقوله " ليدخل الله في رحمته من يشاء لو نزيلوا " أي لو تميز المؤمنون منهم، وقيل لو تفرقوا والمعنى واحد " لعذبنا الذين كفروا منهم " يعني من أهل مكة " عذابا أليما " بالسيف والقتل والأليم المؤلم، وكان النبي صلى الله عليه وآله: ساق سبعين بدنة في عام الحديبية، ودخل في العام المقبل لعمرة القضاء في الشهر الذي صد فيه ونزل قوله " الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص " (1) ذكره قتادة.
قوله تعالى:
(إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل

(1) سورة 2 البقرة آية 194
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»
الفهرست