التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٣٤
كفروا منهم عذابا أليما إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية " يعني الانفة. ثم فسر تلك الانفة، فقال " حمية الجاهلية " الأولى يعني عصبتهم لآلهتم من أن يعبدوا غيرها. وقال الزهري: هي أنفتهم من الاقرار لمحمد بالرسالة. والاستفتاح ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) على عادته في الفاتحة، حيث أراد ان يكتب كتاب العهد بينهم. ودخولهم مكة لأداء العمرة.
ثم قال تعالى " فأنزل الله سكينته على رسوله " أي فعل به صلى الله عليه وآله من اللطف والنعمة ما سكنت إليه نفسه وصبر على الدخول تحت ما أرادوه منه " وعلى المؤمنين " أي ومثل ذلك فعل بالمؤمنين " وألزمهم كلمه التقوى " قال ابن عباس وقتادة: كلمة التقوى قول: لا إلا إلا الله محمد رسول الله. وقال مجاهد: هي كلمة الاخلاص " وكانوا أحق بها وأهلها " يعني المؤمنين كانوا أهلها أحق بها. قال الفراء: ورأيتها في مصحف الحارث بن سويد التميمي من أصحاب عبد الله (وكانوا أهلها أحق بها) وهو تقديم وتأخير، وكان مصحفه دفن أيام الحجاج. وقيل:
ان التقدير كانوا أحق بنزول السكينة عليهم وأهلا لها. وقيل: المعنى فكانوا أحق بمكة أن يدخلوها وأهلها. وإنما قال " أحق " لأنه قد يكون حق أحق من حق غيره، لان الحق الذي هو طاعة يستحق به المدح أحق من الحق الذي هو مباح لا يستحق به ذلك " وكان الله بكل شئ عليما " لما ذم الكفار تعالى بحمية الجاهلية ومدح المؤمنين بالسكينة والزوم الكلمة الصادقة بين علمه ببواطن أمورهم وما تنطوي عليه ضمائرهم إذ هو العالم بكل شئ من المعلومات.
وقوله " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام " قسم من الله تعالى ان النبي صلى الله عليه وآله صادق في قوله إنه رأى في المنام انه يدخل هو والمؤمنون المسجد الحرام، وانه لابد من كون ذلك. وقوله " إن شاء الله آمنين " قال قوم
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»
الفهرست