" ألم تر " يا محمد " إلى الذين نافقوا " فأظهروا الايمان وأبطنوا الكفر " يقولون لاخوانهم " في الكفر وهم " الذين كفروا من أهل الكتاب " يعني يهود بني النضير (لئن أخرجتم) من بلادكم (لنخرجن معكم) مساعدين لكم (ولا نطيع فيكم أحدا ابدا) يعني في قتالكم ومخاصمتكم (ولئن قوتلتم) معاشر بني النضير (لننصرنكم) ولندفعن عنكم. فقال الله تعالى (والله يشهد انهم لكاذبون) فيما يقولونه في مساعدتهم والخروج معهم والدفاع عنهم. وظاهره يدل على أنهم لم يخبروا عن ظنهم، لأنهم لو أخبروا عن ظنهم وعن نيتهم لما كانوا كاذبين. ويحتمل: ان يكونوا كاذبين في العزم أيضا بأن يقولوا إنهم عازمون ولا يكونوا كذلك. ثم قال تعالى (لئن أخرجوا) يعني بني النضير (لا يخرجون معهم) يعني المنافقون الذين قالوا لهم إنا نخرج معكم (ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الادبار) أي ينهزمون ويسلمونهم (ثم لا ينصرون) الجميع، وقال الزجاج:
فيه وجهان:
أحدهما - إنهم لو تعاطوا نصرهم.
الثاني - ولئن نصرهم من بقي منهم لولوا الادبار، فعلى هذا لا ينافي قوله (لا ينصرونهم) قوله (ولئن نصروهم).
ثم خاطب المؤمنين، فقال (لأنهم أشد رهبة في صدورهم من الله) أي أنتم أشد خوفا في قلوب هؤلاء المنافقين يخافونكم مالا يخافون الله (ذلك بأنهم قوم لا يفقهون) أي لأنهم قوم لا يفقهون الحق ولا يعرفونه ولا يعرفون معاني صفات الله، فالفقه العلم بمفهوم الكلام في ظاهره ومتضمنه عند إدراكه، ويتفاضل أحوال الناس فيه. وقيل: إن المنافقين الذين نزلت فيهم هذه الآية عبد الله بن أبي سلول وجماعة معه بعثوا إلى بني النضير بهذه الرسالة - ذكره ابن عباس ومجاهد -