التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٦٩
وقوله (يوم نقول لجهنم) من قرأ بالنون فعلى وجه الاخبار من الله عن نفسه. ومن قرأ - بالياء - وهو نافع وأبو بكر، فعلى تقدير يقول الله لجهنم (هل امتلأت) من كثرة من ألقي فيك من العصاة (فتقول) جهنم (هل من مزيد) أي ما من مزيد؟ أي ليس يسعني أكثر من ذلك. وقال قوم: هذا خطاب من الله لخزنة جهنم على وجه التقريع والتقرير لهم هل امتلأت جهنم، فتقول الخزنة هل من مزيد؟ وقال قوم: وهو الأظهر إن الكلام خرج مخرج المثل أي ان جهنم من سعتها وعظمها في ما يظهر من حالها بمنزلة الناطقة التي إذا قيل لها هل امتلأت فتقول هل من مزيد أي لم امتلئ اي في سعة كثرة، ومثله قول الشاعر:
امتلأ الحوض وقال قطني * مهلا رويدا قد ملأت بطني (1) والحوض لم يقل شيئا، وإنما أخبر عن امتلائها وانها لو كانت ممن تنطق لقالت قطني مهلا رويدا قد ملأت بطني. وكذلك القول في الآية. وقال الحسن وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء: معنى هل من مزيد ما من مزيد، وانه بمعنى لا مزيد وأنكروا أن يكون طلبا للزيادة، لقوله (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) (2) وقال بعضهم: هذا ليس بمنكر من وجهين:
أحدهما - أن يكون ذلك حكاية عن الحال التي قبل دخول جميع أهل النار فيها ولم تمتلأ بعد وان امتلأت في ما بعد.
والآخر - أن يكون طلب الزيادة بشرط ان يزاد في سعتها. وقال قوم:
هل من مزيد بمنزلة قول النبي صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة وقد قيل له ألا تنزل دارك، فقال (وهل ترك لنا عقيل من ربع) لأنه كل قد باع دور بني هاشم لما خرجوا

(1) مر في 1 / 431 و 8 / 85، 369، 471 (2) سورة (11) هود آية 119 .
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست