التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٥٩
منيب (8) ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد (9) والنخل باسقات لها طلع نضيد (10) رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج) (11) ست آيات.
لما حكى الله تعالى عن الكفار أنهم كذبوا بالحق الذي هو القرآن وجحدوا البعث والنشور والثواب والعقاب، وتعجبوا من ذلك نبههم الله تعالى على ذلك وبين لهم الطريق الذي إذا نظروا فيه علموا صحته، فقال " أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها " ومعناه أفلم يفكروا في بناء هذه السماء وعظمها، وحسن تزيينها فيعلموا أن لها بانيا بناها وصانعا صنعها وانه لابد أن يكون قادرا عليها، وانه لا يعجزه شئ، لأنه لا يقدر على مثل ذلك إلا القادر لنفسه الذي لا يجوز عليه العجز ويعلمه، لأنه عالم بما يرون من إحكام الصنعة فيها وانه الذي لا يخفى عليه خافيه وقوله " وزيناها " يعني حسنا صورتها بما خلقنا فيها من النجوم الثاقبة والشمس والقمر، وانه " مالها من فروج " أي ليس فيها فتوق يمكن السلوك فيها وإنما يسلكها الملائكة بأن يفتح لها أبواب السماء إذا عرجت إليها.
ثم قال " والأرض مددناها " أي بسطناها، وتقديره ومددنا الأرض مددناها، كما قال " والقمر قدرناه " (1) فيمن نصب ولو رفع كان جائزا، والنصب أحسن - ههنا - لكونه معطوفا على بنيناها، فعطف الفعل على الفعل أحسن.
ثم قال " وألقينا فيها رواسي " أي طرحنا جبالا تمنعها من الحركة ليتمكن استقرار الحيوان عليها " وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج " قال ابن زيد: البهيج الحسن المنظر والبهجة الحسن الذي له روعة عند الرؤية، كالزهرة والأشجار الملتفة

(1) سورة 36 يس آية 39
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»
الفهرست