التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٣٥
أولى، ويختاره لحاجته إليه من جهة تعجل النفع به، ومن اختار الأدون في الصلاح على الأصلح كان منقوصا مذموما، لأنه بمنزلة من اختار القبيح على الحسن.
وقيل: المعنى اخترناهم على عالمي زمانهم بدلالة قوله لامة نبينا " كنتم خير أمة أخرجت للناس " (1) وذلك يوجب انه ما اختارهم على من هو خير منهم، وإنما اختارهم على من هو في وقتهم من العالمين. وقال قتادة، ومجاهد: على عالمي زمانهم. وإنما قال " اخترناهم على علم على العالمين " بما جعل فيهم من الأنبياء الكثيرين، فهذه خاصة لهم ليست لغيرهم، لما في العلوم من مصالح المكلفين بأنبيائهم.
ثم بين ما بن اختارهم بأن قال " وآتيناهم " يعني أعطيناهم " من الآيات " يعني الدلالات والمعجزات " ما فيه بلاء مبين " قال الحسن: يعني ما فيه النعمة الظاهرة. قال الفراء: البلاء قد يكون بالعذاب، وقد يكون بالنعمة، وهو ما فعل الله بهم من إهلاك فرعون وقومه، وتخليصهم منه وإظهار نعمه عليهم شيئا بعد شئ.
ثم اخبر تعالى عن كفار قوم نبينا صلى الله عليه وآله فقال " ان هؤلاء ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى " أي ليس هذا الا الموتة الأولى " وما نحن " أي لسنا بعدها بمبعوثين ولا معاد بن " بمنشرين " ويقولون " فأتوا بآبائنا " الذين ماتوا قبلنا وأعيدوهم " ان كنتم صادقين " في أن الله تعالى يقدر على إعادة الأموات واحيائهم لان من قدر على النشأة الثانية قدر على إعادة الآباء، وهذا باطل لان النشأة الثانية إنما وجبت للجزاء لا للتكليف، فلا تلزم إعادة الآباء ولا تجب.

(1) سورة 3 آل عمران آية 110
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست