وقيل (كل) في حكم الملفوظ به واستغني عن إظهاره بتقدم ذكره، وكذلك فعلت العرب في الجار ألا ترى أنهم لم يجيزوا (من تمرر أمرر) وأجازوا (بمن تمرر أمرر) و (على أيهم تنزل انزل) فحذف الجار حسن لتقدم ذكر الجار، وعلى هذا قول الشاعر:
ان الكريم وأبيك يعتمل * إن لم يجد يوما على من يتكل لما ذكر (على) و (إن) كانت زائدة - في قول سيبويه - حسن حذف الجار من الصلة، ولو لم تذكر لم يجزه. وحكي في بعض القراءات عن أبي إنه قرأ في المواضع الثلاث " لآيات في خلقكم وما يبث من دابة لآيات " وكذلك الآخر فدخول اللام يدل على أن الكلام محمول على (إن) وإذا كان محمولا عليها حسن النصب على قراءة حمزة والكسائي وصار كل موضع من ذلك كأن (إن) مذكورة فيه بدلالة دخول اللام، لأن هذه اللام إنما تدخل على خبر (إن) أو اسمها، وحكي أن أبيا قرأ " لآيات " بالرفع مع إدخال اللام عليها، وهذا لا يجيزه أكثر النحويين كالكسائي وغيره، كما لا يجوز في الدار لزيد، واجازه الفراء وانشد لحميد بن ثور:
إن الخلافة بعدهم لذميمة * وخلائف طرف لميما أحقر (1) وحكى الفراء أنه يقول العرب (إن) لي عليك مالا وعلى أبيك مال بالرفع والنصب، وحكى أبو علي: إنه يجوز أن يعمل الثاني على التأكيد للأول وكذلك في الثالث، ولا يكون عطفا على عاملين، كما قال بعض شيوخنا في قوله " ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فان له " (2) حمل الثاني على أنه تأكيد للأول.
قد ذكرنا في ما تقدم ان (حم) اسم للسورة، وانه أجود الأقوال. قال الرماني: وفي تسمية السورة ب (حم) دلالة على أن هذا القرآن المعجز كله من