التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٣٩
من غير أن يأذن الله له فيه على وجه الدفع عنه والنصر له، وبين ذلك بقوله " ولاهم ينصرون " والمولى - ههنا - الصاحب الذي شأنه أن يتولى معونة صاحبه على أموره، فيدخل في ذلك ابن العم والحليف وغيره ممن هذه صفته وقد استثنى ما أشرنا إليه بقوله " إلا من رحم الله " فان من يرحمه الله اما أن يسقط عقابه ابتداء أو يأذن في إسقاط عقابه بالشفاعة فيه.
ثم وصف نفسه بأنه القادر الذي لا يغلب ولا يقهر بدفع العقاب عمن يريد فعله به " الرحيم " أي المنعم لمن يريد العفو عنه باسقاط عقابه.
ثم اخبر تعالى " إن شجرة الزقوم طعام الأثيم " الذي يستحق العقاب بمعاصيه وعنى به - ههنا - أبو جهل، فالزقوم ما أكل بتكره شديد له، لأنه يخشو به فمه ويأكله بشره شديد، ولهذا حكي عن أبي جهل انه أتى بتمر وزبد، فقال:
نحن نتزقم هذا أي نملا به أفواهنا فما يضرنا.
ثم شبه ذلك بأنه مثل المهل، وهو الشئ الذي يذاب في النار حتى يشتد حره كالفضة والرصاص وغيرهما مما يماع بالنار، وهو مهل، لأنه يمهل في النار حتى يذوب. وقال ابن عباس: المهل ما أذيب بالنار كالفضة، وهو قول ابن مسعود وروي عن ابن عباس أيضا أن المهل دردي الزيت في النار. ثم وصف (المهل) بأنه " يغلي في البطون " من حرارته، كما يغلي الحميم وهو الماء المغلي على النار، فالمهل يغلي في بطون أهل النار، كما يغلي الماء بحر الايقاد والغلي ارتفاع المائع من الماء ونحوه بشدة الحرارة. والحميم الحار ومنه أحم الله ذلك من لقاء أي أدناه وقربه لان ما حم فللاسراع وما برد فللابطاء، ومنه حمم ريش الطائر إذا قرب خروجه.
ثم بين أنه تعالى يأمر الملائكة بأن يأخذوا الكافر وأن يعتلوه " إلى سواء الجحيم " يعني إلى وسطه. والعتل زعزعة البدن بالجفاء والغلظة للإهانة، فمعنى
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست