التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٤٩
* (فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه) * (1) وبمنزلة قول النبي صلى الله عليه وآله (من حلف على يمين كاذبة يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان) ولا خلاف أن هؤلاء لا يرون الله. وقوله * (وأعد لهم أجرا كريما) * أي ثوابا جزيلا.
ثم خاطب النبي صلى الله عليه وآله فقال * (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا) * أي شاهدا على أمتك في ما يفعلونه من طاعة الله أو معصيته أو إيمان به أو كفر، لتشهد لهم يوم القيامة أو عليهم، فأجازيهم بحسبه، ومبشرا لهم بالجنة وثواب الأبد إن أطاعوني واجتنبوا معصيتي. * (ونذيرا) * أي مخوفا من النار وعقاب الأبد بارتكاب المعاصي وترك الواجبات * (وداعيا) * اي وبعثناك داعيا لهم تدعوهم * (إلى الله باذنه) * والاقرار بوحدانيته وامتثال ما أمرهم به، والانتهاء عما نهاهم عنه * (وسراجا منيرا) * أي أنت بمنزلة السراج الذي يهتدي به الخلق. والمنير هو الذي يصدر النور من جهته إما بفعله، وإما لأنه سبب له، فالقمر منير، والسراج منير بهذا المعنى، والله منير السماوات والأرض.
وقال الزجاج * (وداعيا إلى الله باذنه وسراجا) * وبعثناك ذا سراج، وحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه وأراد بالسراج القرآن الذي يحتاجون إلى العمل به.
ثم امر نبيه صلى الله عليه وآله بأن * (يبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) * أي زيادة على ما يستحقونه من الثواب كثيرا، ثم نهاه عن طاعة الكفار الجاحدين لله والمنكرين لنبوته فقال * (ولا تطع الكافرين) * الذين يتظاهرون بالكفر، ولا " المنافقين " الذين يظهرون الاسلام، ويبطنون الكفر، ولا تساعدهم على ما يردونه * (ودع أذاهم) * أي اعرض عن أذاهم. فانا أكفيك أمرهم إذا توكلت علي، وعملت بطاعتي فان جميعهم في سلطاني

(1) سورة 9 التوبة آية 78
(٣٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»
الفهرست