التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٤٤
عليه الوفاء به. ومن خالف في ذلك كان عاصيا، وذلك خلاف الاجماع.
ثم قال " ومن يعص الله ورسوله " في ما قضيا به وامرا به وخالفهما " فقد ضل " عن الحق وخاب عنه " ضلالا مبينا " أي ظاهرا.
ثم خاطب النبي صلى الله عليه وآله فقال واذكر يا محمد حين " تقول للذي أنعم الله عليه " يعني بالهداية إلى الايمان " وأنعمت عليه " بالعتق " أمسك عليك زوجك " اي احبسها، ولا تطلقها، لان زيدا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله مخاصما زوجته زينب بنت جحش على أن يطلقها، فوعظه النبي صلى الله عليه وآله، وقال له: لا تطلقها وامسكها " واتق الله " في مفارقتها " وتخفي في نفسك ما الله مبديه " فالذي اخفى في نفسه انه إن طلقها زيد تزوجها وخشي من إظهار هذا للناس، وكان الله تعالى امره بتزوجها إذا طلقها زيد، فقال الله تعالى له ان تركت إظهار هذا خشية الناس فترك اضماره خشية الله أحق وأولى. وقال الحسن: معناه وتخشى عيب الناس. وروي عن عائشة انها قالت لو كتم رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا من الوحي لكتم " وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق ان تخشاه " وقيل: إن زيدا لما جاء مخاصما زوجته، فرآها النبي صلى الله عليه وآله استحسنها وتمنى ان يفارقها زيد حتى يتزوجها، فكتم. قال البلخي: وهذا جائز، لان هذا التمني هو ما طبع الله عليه البشر، فلا شئ على أحد إذا تمنى شيئا استحسنه.
ثم قال تعالى * (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) * فالوطر الإرب والحاجة وقضاء الشهوة يقال: لي في هذا وطر، أي حاجة وشهوة، قال الشاعر:
ودعني قبل ان أودعه * لما قضى من شبابنا وطرا (1) وقال آخر:

(١) مجاز القرآن 2 / 160
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»
الفهرست