الدخول عليه منها فزع منهم، لأنه ظنهم أعداء يريدون به سوء فقالوا له (خصمان) ولم يقولا: نحن خصمان يعني فريقان لأنهما كانا ملكين ولم يكونا خصمين ولا بغى أحدهما على الآخر، وإنما هو على المثل " فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط " معناه ولا تجاوز الحق ولا تجر ولا تسرف في حكمك بالميل مع أحدهما - على الآخر، يقال أشط في حكمه إذا جار يشط فهو مشط وشططت علي في السوم تشط شططا قال الشاعر:
ألا يا لقومي قد اشطت عواذلي * ويزعمن أن اودى بحقي باطلي (1) وقال آخر:
يشط غدا دار جيراننا * وللدار بعد غد بعد وقوله " وأهدنا إلى سواء الصراط " معناه أرشدنا إلى قصد الطريق الذي هو طريق الحق ووسطه، كما قال " فاطلع فرآه في سوء الجحيم " (2) ثم حكى تعالى ما مكان أحد الخصمين لصاحبه، فقال " إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة " قال وهب بن منية: يعني أخي في ديني وقال أكثر المفسرين انه كنى بالنعاج عن تسع وتسعين امرأة كانت له وان الآخر له نعجة واحدة يعني امرأة واحدة. وقال الحسن: لم يكن له تسع وتسعون امرأة وإنما هو على وجه المثل. وقال أبو مسلم محمد بن بحر الاصفهاني:
أراد النعاج بأعيانها، وهو الظاهر غير أنه خالف أقوال المفسرين. وقال هما من ولد آدم، ولم يكونا ملكين وإنما فزع منهما لأنهما دخلا عليه في غير الوقت المعتاد، وهو الظاهر غير أنه خلاف أقوال المفسرين على ما قلناه.
وقوله " فقال اكفلنيها " معناه اجعلني كفيلا بها أي ضامنا لأمرها.