له * (هذا مغتسل) * أي ماء مغتسل * (بارد وشراب) * وقال الحسن وقتادة: نبعت له عينان، فاغتسل من إحداهما وشرب من الأخرى، فالمغتسل موضع الاغتسال. وقيل: كل ماء يغتسل فيه فهو مغتسل وغسول - ذكره أبو عبيدة - وفي الكلام حذف، وتقديره إن أيوب اغتسل من تلك العين، فأزال الله تعالى عنه جميع ما كان فيه من الأمراض.
ثم اخبر بما من عليه زيادة على صلاح جسمه، وزوال ألمه فقال * (ووهبنا له أهله) * لأنه لما رد عليه أهله كان ذلك هبة منه مجددة * (ومثلهم معهم) * وتقديره ووهبنا له مثل أهله دفعة أخرى. وقد ذكرنا اختلاف المفسرين في ذلك - في سورة الأنبياء - ون فيهم من قال أعطاه بكل امرأة امرأتين وبكل ولد ولدين في دار الدنيا. ومنهم من قال ذلك اخبار عما يهبه الله له في الآخرة. وقيل: إن الله تعالى أمطر عليه جرادا من ذهب وقوله * (رحمة منا) * معناه فعلنا ذلك لرحمتنا إياه، فهو نصب على أنه مفعول له، ويجوز أن يكون نصبا على المصدر * (وذكرى لأولي الألباب) * أي وليتذكر به ويعتبر ذووا العقول فيصبروا كما صبر.
ثم حكى ما قال له فإنه قال له * (خذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث) * فالضغث ملء الكف من الحشيش أو الشماريخ وما أشبه ذلك قال عوف بن الجزع:
وأسفل مني فهدة قدر بطنها * وألقيت ضغثا من حلا متطيب أي تطيبت لها. وقيل إنه كان حلف على امرأته لامر أنكره من قولها لئن عوفي ليضربنها مئة، فقيل له * (خذ ضغثا) * بعدد ما حلفت، فاضرب به دفعة واحدة، فإنك إذا فعلت ذلك، فقد بررت قسمك، ولم تحنث، وهو قول قتادة والضحاك.