التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٢٠
ليلتمسوا من فضل الله بركوب البحر للتجارة والمسير فيها طلبا للمنافع وما يخرجون منها من أنواع الأشياء لكي يشكروا الله على نعمه ويحمدوه على فضله ثم قال * (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) * معناه انه ينقص من الليل في النهار عند منقلب الصيف، ومن النهار في الليل عند منقلب الشتاء.
وقيل: معناه انه يدخل كل واحد منهما على صاحبه ويتعقبه * (وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى) * قدره الله لهما بحسب ما علم من مصالح خلقه إلى الوقت الذي يفنيهما الله فيه. فتسخير الشمس نزولها في بروج مخصوصة في أوقات مخصوصة كل فصل منها لنوع آخر من المنافع لا يختلف الحال فيه، وتسخير القمر جريانه على وتيرة واحدة، فيستدل به على السنين والشهور وذلك يدل على أن مدبره عالم حكيم.
ثم قال * (ذلكم الله ربكم) * الذي يقدر على تسخير الشمس والقمر، وايلاج الليل في النهار والنهار في الليل وخلق البحرين العذب والمالح، ومنع أحدهما أن يختلط بالآخر لا يقدر عليه غيره * (والذين يدعون من دونه) * وتوجهون عبادتكم إليهم من الأصنام والأوثان * (ما يملكون من قطمير) * وهو قشر النواة - في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وعطية - فدل على أن من لا يملك هذا القدر لا يستحق العبادة ولا يكون إلها.
ثم قال * (إن تدعوهم) * يعني الأصنام * (لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم) * لأنها جمادات يستحيل ذلك عليها، ولا يقدرون على ضرر ولا نفع * (ويوم القيامة يكفرون بشرككم) * قيل: إن الله تعالى يحيي الأصنام يوم القيامة لينكروا على المشركين، ويوبخوهم على عبادتهم إياهم. وقال البلخي: يجوز أن يكون المراد به الملائكة وعيسى. وقوله * (لا يسمعوا
(٤٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»
الفهرست