وقوله " وأقاموا الصلاة " قال أبو عبيدة في مجازه: اي ويقيمون، فوقع الماضي مقام المستقبل، والمعنى يديمون فعلها ويقومون بشرائطها. وإنما عطف الماضي على المستقبل إشعارا باختلاف المعنى، لان الحسنة لازمة في كل وقت والصلاة لها أوقات مخصوصة، وأضاف الانذار إلى الذين يخشون ربهم من حيث كانوا هم المنتفعون بها، وإن كان النبي صلى الله عليه وآله ينذر كل مكلف.
ثم قال " ومن تزكى " أي فعل الطاعات وقام بما يجب عليه من الزكاة وغيرها من الواجبات فإنما يتزكى لنفسه، لان ثواب ذلك ونفعه عائد عليه.
وقوله " وإلى الله المصير " معناه يرجع الخلق كلهم إلى حيث لا يملك الأمر والنهي إلا الله، فيجازي كل مكلف على قدر عمله. وقوله " وما يستوي الأعمى والبصير " معناه لا يتساوى الأعمى عن طريق الحق والعادل عنها، والبصير الذي يهتدي إليها قط، لان الأول يستحق العقاب، والثاني يستحق الثواب " ولا الظلمات ولا النور " يعني وكذلك لا يستوي المؤمن والكافر والمطيع والعاصي فشبه الايمان بالنور والكفر بالظلمات، وكذلك لا يستوي " الظل ولا الحرور " فالظل هو الستر عن موقع الشمس ومنه الظلة، وهي السترة عن موقع الشمس، ومنه قولهم: ظل يفعل كذا إذا فعل نهارا في الوقت الذي يكون للشمس ظل، والحرور السموم وهو الريح الحارة في الشمس، وقال الفراء:
الحرور يكون بالليل والنهار والسموم لا يكون إلا بالنهار. وقيل: الظل الجنة والحرور النار " وما يستوي الاحياء ولا الأموات " أي هما أيضا لا يتساويان ولا يتماثلان، فالاسواء حصول أحد الشيئين على مقدار الآخرة، ومنه الاستواء في العود والطريق خلاف الاعوجاج، لممره على مقدار أوله من غير انعدال.
وهذه الأمثال أمثال ضربها الله لعبادة الله وعبادة الأوثان، وبين أنه كما