بكم عن افعال الخير ويدعوكم إلى ما فيه الهلكة، فالعداوة ضد الولاية، ولا يجوز أن يكون أحد عدوا من وجه وليا من وجه، كما لا يجوز أن يكون موجودا من وجه معدوما من وجه، لان الصفتين متنافيتان. ثم أمرهم بأن يتخذوا الشيطان عدوا كما هو عدو لهم، وبين تعالى أن الشيطان ليس يدعو إلا حزبه أي أصحابه وجنده، وهم الذين يقبلون منه ويتبعونه. وبين انه إنما يدعوهم ليكونوا من أصحاب السعير بارتكاب المعاصي والكفر بالله تعالى، والسعير النار المستعرة.
ثم اخبر تعالى * (إن الذين كفروا) * بآيات الله ويكذبون رسله * (لهم عذاب شديد) * جزاء على كفرهم وتكذيبهم، وإن * (الذين آمنوا وعملوا) * الافعال * (الصالحات لهم مغفرة) * من الله لذنوبهم ولهم * (أجر) * أي ثواب * (كبير) * ثم قال مقررا لهم * (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا) * يعني الكفار زينت نفوسهم لهم أعمالهم السيئة فتصوروها حسنة أو الشيطان يزنيها لهم فيميلهم إلى الشبهة وترك النظر في الأدلة الدالة على الحق باغوائه حتى يتشاغلوا بما فيه اللذة وطرح الكلفة.
وخبر (من) في قوله * (أفمن زين له سوء عمله) * محذوف وتقديره يتحسر عليه، وقيل: إن الخبر قوله * (فان الله يضل من يشاء) * إلا أنه وقع * (من يشاء) * موقعه. وقيل: جواب * (أفمن زين) * محذوف بتقدير: كمن علم الحسن من القبيح، وعمل بما علم. وقيل: كمن هداه الله.
وفي ذلك دلالة على بطلان قول من يقول: إن المعارف ضرورة، لأنه دل على أنهم رأوا اعمالهم السيئة حسنة. وهذا رأي فاسد، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله ناهيا له * (فلا تذهب نفسك عليهم) * يا محمد * (حسرات) *. ومن فتح التاء جعل