التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٩٣
من كأنه لا يعلم، وإنما نعمل لنعلم * (من يؤمن بالآخرة) * أي من يصدق بها ويعترف ممن يشك فيها ويرتاب.
ثم قال * (وربك) * يا محمد * (على كل شئ حفيظ) * أي رقيب عالم لا يفوته علم شئ من أحوالهم من ايمانهم وكفرهم أو شكهم. ثم أمر نبيه صلى الله عليه وآله بأن يقول لهؤلاء الكفار * (ادعوا الذين زعمتم من دون الله) * أنهم آلهة ومعبود، هل يستجيبون لكم؟ إلى ما تسألونهم، لأنه لا يستحق العبادة إلا من كان قادرا على إجابة من يدعوه. ثم اخبر تعالى عنها فقال * (لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيها من شرك) * يعني وما لله في السماوات والأرض شريك * (وماله منهم من ظهير) * أي معاون، والملك هو القدرة على ما للقادر عليه التصرف فيه، وليس لاحد منعه منه، وذلك - في الحقيقة - لا يستحق الوصف به مطلقا إلا الله، لان كل من عداه يجوز أن يمنع على وجه.
ثم اخبر تعالى فقال * (ولا تنفع الشفاعة عنده) * أي عند الله * (إلا لمن اذن) * الله * (له) * في الشفاعة من الملائكة والنبيين والأئمة والمؤمنين، لأنهم كانوا يقولون: نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، فحكم الله تعالى ببطلان ذلك. وقوله * (حتى إذا فزع عن قلوبهم) * قال ابن عباس وقتادة: حتى إذا خلي عن قلوبهم الفزع، كقولك رغب عنه أي رفعت الرغبة عنه فلا يرغب، بخلاف رغب فيه، ففي أحد الامرين وضع وفي الآخر رفع. وقيل: هم الملائكة يلحقهم غشى عن سماع الوحي من الله بالآية العظيمة، فإذا * (فزع عن قلوبهم) * اي خلي عنها * (قالوا ماذا قال ربكم) * - ذكره ابن مسعود ومسروق وابن عباس في رواية - وقال الحسن: حتى إذا كنف عن قلوب المشركين الفزع، قالت
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست