وسخرنا لسليمان الريح. وقرأ أبو بكر عن عاصم بضم الحاء، والمعنى في ذلك أنه أضاف الريح إليه إضافة الملك يصرفه كيف شاء. وقوله " غدوها شهر ورواحها شهر " قال قتادة: كان مسيرها به إلى انتصاف النهار مقدار مسير شهر " ورواحها شهر " من انتصاف النهار إلى الليل - في مقدار مسير شهر - وقال الحسن كان يغدو من الشام إلى بيت المقدس، فيقيل بإصطخر من ارض أصبهان ويروح منها، فيكون بكابل.
وقوله " واسلنا له عين القطر " قال ابن عباس وقتادة: أذبنا له النحاس والقطر النحاس. ثم قال " ومن الجن من يعمل بين يديه باذن ربه " أي بأمر الله " ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير " معناه من يعدل من هؤلاء الجن الذين سخرناهم لسليمان حتى يعملوا بين يديه عما أمرهم الله به من طاعته " نذقه من عذاب السعير " يعني عذاب النار تقول: زاغ يزيغ زيغا وأزاغه إزاغة.
ثم اخبر تعالى ان الجن الذين سخرهم الله لسليمان " يعملون له ما يشاء من محاريب " قيل: معناه شريف البيوت. وقال قتادة: قصور ومساجد، قال المبر:
لا يسمى محرابا إلا ما يرتقى إليه بدرج، لقوله " إذ تسوروا المحراب " (1) قال عدى بن زيد:
كدمي العاج في المحاريب أو * كالبيض في الروض زهره مستنير (2) وقال وضاح اليمن:
ربة محراب إذا جئتها * لم القها أو ارتقي سلما (3)