ثم حكى تعالى ما يقول للكفار يوم القيامة، فإنه يقول لهم " فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا " ولا يقدر على ذلك " ونقول للذين ظلموا " نفوسهم بارتكاب المعاصي ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون " أي تجحدونه، ولا تعترفون به. ثم عاد تعالى إلى الحكاية عن حال الكفار في الدنيا فقال " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات " أي تقرأ عليهم حججنا واضحات من القرآن الذي أنزله على نبيه " قالوا " عند ذلك " ما هذا الا رجل يريد ان يصدكم عما كان يعبد آباؤكم " أي يمنعكم عن عبادة ما كان يعبده آباؤكم " وقالوا " أيضا " ما هذا " القرآن " إلا إفك مفترى " يعني كذب تخرصه وافتراه " وقال الذين كفروا للحق " يعني القرآن " لما جاءهم إن هذا " أي ليس هذا " إلا سحر مبين " أي ظاهر. والسحر حيلة خفية توهم المعجزة.
ثم قال تعالى " وما آتيناهم من كتب يدرسونها " قال الحسن: معناه ما آتيناهم من كتب قبل هذا الكتاب، فصدقوا به وبما فيه ان هذا كما زعموا " وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير " ويجوز أن يكون المراد وما أرسلنا إليهم قبلك يا محمد من نذير إلا وفعلوا به وقالوا له مثل ما قالوا لك، وحذف لدلالة الكلام عليه، وذلك عليه بقوله " وكذب الذين من قبلهم " بما أتاهم الله من الكتب، وبما بعث إليهم من الرسل " وما بلغوا " أي وما بلغ هؤلاء * (معشار ما آتيناهم) * أولئك الكفار، قال الحسن: معنى معشار أي عشر، والمعنى ما بلغ الذين ارسل إليهم محمد صلى الله عليه وآله من أهل مكة عشر ما أوتي الأمم قبلهم من القوة والعدة - في قول ابن عباس وقتادة - * (فكذبوا رسلي) * أي كذبوا بآيات الله وجحدوا رسله * (فكيف كان نكير) * أي عقوبتي وتغييري لان الله أهلكهم واستأصلهم وهو نكير الله تعالى في الدنيا.