التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٢٣
ذلك في المعنى، وإن لم يصرحوا به.
ثم قال واذكر يا محمد * (إذ قالت طائفة منهم) * يعني من المنافقين * (يا أهل يثرب) * أي يا أهل المدينة، قيل: ان يثرب اسم ارض المدينة. وقال أبو عبيدة:
إن المدينة الرسول في ناحية من يثرب. وقيل: يثرب هي المدينة نفسها * (لا مقام لكم) * أي ليس لكم مكان تقومون فيه للقتال. ومن ضم أراد: لا إقامة لكم - ذكره الأخفش - وقال يزيد بن رومان: القائل لذلك أوس بن قبطي. ومن وافقه على رأيه * (فارجعوا) * اي أمرهم بالرجوع إلى منازلهم. وحكى ان جماعة منهم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله فاستأذنوه للرجوع. وقالوا * (إن بيوتنا عورة) * أي هي مكشوفة نخشى عليها السرق - ذكره ابن عباس ومجاهد - فكذبهم الله تعالى في قوله * (وما هي بعورة...) * وليس يريدون بهذا القول إلا الفرار، والهرب من القتال.
ثم قال * (ولو دخلت عليهم من أقطارها) * اي من نواحيها يعني المدينة أو البيوت، فهو جمع قطر، وهو الناحية * (ثم سئلوا الفتنة) * يعني الكفر والضلال وقيل: انهم لو دعوا إلى القتال على وجه الحمية والعصبية لجاؤا إليها - على قراءة من قصر - ومن مد أراد لأعطوا ما سئلوا إعطاءه من ذلك * (وما تلبثوا بها إلا يسيرا) * قال الفراء: وما تلبثوا بالمدينة إلا قليلا حتى يهلكوا. وقال قتادة:
معناه وما احتبسوا عن الإجابة إلى الكفر إلا قليلا.
ثم قال * (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل) * يعني عندما بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وحلفوا له انهم ينصرونه ويدفعون عنه، كما يدفعون عن نفوسهم، وانهم * (لا يولون الادبار) * اي لا يفرون من الزحف * (وكان عهد الله مسؤولا) * يعني العهد الذي عاهدوا الله عليه، وحلفوا له به يسألهم عن الوفاء به يوم القيامة.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست