يتولى المعونة بنفسه، والنصير قد يدفع المكروه عن غيره تارة بنفسه وتارة بان يأمر بذلك. ثم قال تعالى * (والذين كفروا بآيات الله) * اي جحدوا أدلة الله ولقاء ثوابه وعقابه يوم القيامة * (أولئك يئسوا من رحمتي) * اخبار عن أياسهم من رحمة الله، لعلمهم انها لا تقع بهم ذلك اليوم * (وأولئك لهم عذاب اليم) * اي مؤلم. وفى ذلك دلالة على أن المؤمن بالله واليوم الآخر لا يجوز ان ييأس من رحمة الله.
ثم قال * (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه) * وفى ذلك دلالة على أن جميع ما تقدم حكاية ما قال إبراهيم لقومه، وانهم لما عجزوا عن جوابه بحجة عدلوا إلى أن قالوا اقتلوه أو حرقوه وفى الكلام حذف، وتقديره:
إنهم أوقدوا نارا وطرحوه فيها * (فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآية) * واضحة وحجة بينة * (لقوم يؤمنون) * بصحة ما أخبرناك به من توحيد الله واخلاص عبادته.
ثم عاد إلى حكاية قول إبراهيم وانه قال لهم * (إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا. ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) * قال قتادة: كل خلة تنقلب يوم القيامة عداوة إلا خلة المتقين كما قال * (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين) * (1) ومعنى الآية ان إبراهيم قال لقومه: إنما اتخذتم هذه الأوثان آلهة من دون الله لتتوادوا بها في الحياة الدنيا، ثم يوم القيامة يتبرؤ بعضكم من بعض ويلعن بعضكم بعضا، ومستقركم النار، وما لكم من ينصركم بدفع عذاب الله عنكم.
ثم قال لهم " ومأواكم النار " أي مستقركم و " ما لكم من ناصرين "