وقوله " وتخلقون إفكا " أي تعملون أصناما، وسماها إفكا لادعائهم انها آلهة - وهو قول قتادة، والجبائي - وقال ابن عباس: وتصنعون كذبا، وتحقيقه يصنعون على ما يقدرون، ثم قال لهم إبراهيم أيضا * (إن الذين تعبدون من دون الله) * يعني الأصنام * (لا يملكون لكم رزقا) * أي لا يقدرون على أن يرزقوكم، وإنما يبتغى الرزق من القادر على المنع، وهو الله الرازق. والملك قدرة القادر على ماله أن يتصرف فيه أتم التصرف، وليس ذلك إلا لله - عز وجل - على الحقيقة لان له التصرف والقدرة على جميع الأشياء بلا مانع، والانسان إنما يملك ما يملكه الله، ويأذن له في التصرف فيه. فأصل الملك لجميع الأشياء لله. ومن لا يملك أن يرزق غيره لا يستحق العبادة، لان العبادة تجب بأعلى مراتب النعمة. والأصنام لا تقدر على ذلك، فإذا لا يحسن عبادتها.
ثم قال لهم * (وابتغوا عند الله الرزق) * أي اطلبوا الرزق من عند الله دون من سواه * (واعبدوه) * على ما أنعم به عليكم من أصول النعم، وأعلى مراتب الفضل * (واشكروا له) * أيضا، لأنكم إليه ترجعون يوم القيامة فيجازيكم على قدر اعمالكم. فمن عبده وشكره جازاه بالثواب. ومن عبد غيره وكفر نعمه جازاه بالعقاب. ويقال: شكرته وشكرت له يؤكد باللام. فمعنى الشكر له اختصاصه بنفسه من غير احتمال لغيره. ثم قال * (وإن تكذبوا) * بما أخبركم به من عند الله، وما أدعوكم إليه من اخلاص عبادته * (فقد كذب أمم من قبلكم) * أنبياءهم الذين بعثوا فيهم وليس * (على الرسول إلا البلاغ المبين) * يعني الا أن يوصل إليهم ويؤدي إليهم ما أمر به لكونه بيانا ظاهرا يمكنهم معرفته وفهمه، وليس عليه حملهم على الايمان.
ثم قال * (أو لم يروا كيف يبدؤا الله الخلق) * اي ألم يفكروا فيعلموا كيف