التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٠١
بألف، وأما " انكم لتأتون الرجال " فإنهم على أصولهم. حكى الله سبحانه ان إبراهيم لما دعا قومه إلى اخلاص عبادة الله وترك عبادة الأوثان، وقبح فعلهم في ذلك أنه صدق به لوط عليه السلام وآمن به. وكان ابن أخته، فإبراهيم خاله وهو قول ابن عباس وابن زيد والضحاك وجميع المفسرين. وقال لوط " اني مهاجر إلى ربي " معناه اي خارج من جملة الظالمين على جهة الهجر لهم لقبح أفعالهم إلى حيث أمرني ربي، ومن هذا هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة وإلى أرض الحبشة، لأنهم هجروا ديارهم وأوطانهم لأذى المشركين لهم فأمروا بأن يخرجوا عنها. وقيل: هاجر إبراهيم ولوط من كوثى، وهي من سواد الكوفة إلى أرض الشام في قول قتادة. وقال " إنه هو العزيز الحكيم " الذي لا تضيع الطاعة عنده، العزيز الذي لا يذل من نصره. ثم قال " ووهبنا له " يعني لإبراهيم " إسحاق ويعقوب، وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب " قيل: إنما لم يذكر إسماعيل مع أنه نبي معظم، لأنه قد دل عليه بقوله " وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب " فترك ذكر اسمه لأنه يكفي فيه الدلالة عليه لشهرته وعظم شأنه، وذكر ولد ولده في سياقه ذكر ولده، لأنه يحسن اضافته إليه، لأنه الأب الأكبر له.
وقوله " وآتيناه أجره في الدنيا " قال ابن عباس: الاجر في الدنيا الثناء الحسن، والولد الصالح، وقال الجبائي: هو ما أمر الله به المكلفين من تعظيم الأنبياء. قال البلخي: وذلك يدل على أنه يجوز أن يثيب الله في دار التكليف ببعض الثواب. و (الكتاب) أريد به الكتب، من التوراة والإنجيل والزبور والقرآن، غير أنه خرج مخرج الجنس. " وإنه في الآخرة لمن الصالحين "
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست