وقوله " وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم " معناه انهم يحملون خطاياهم في أنفسهم التي لا يعملونها بغيرهم، ويحلون الخطايا التي ظلموا بها غيرهم، فحسن لذلك فيه التفصيل الذي ذكره الله.
وقوله " وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون " أي يعملون. ومعناه إنهم يسألون سؤال تعنيف وتوبيخ وتبكيت وتقريع، لا سؤال استعلام كسؤال التعجيز في الجدل، كقولك للوثني ما الدليل على جواز عبادة الأوثان، وكما قال تعالى " هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " (1).
ثم اخبر تعالى انه أرسل نوحا إلى قومه يدعوهم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له، وانه مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، فلم يجيبوه، وكفروا به " فأخذهم الطوفان " جزاء على كفرهم، فأهلكهم الله تعالى " وهم ظالمون " لنفوسهم بما فعلوه من عصيان الله تعالى والاشراك به، والطوفان الماء الكثير الغامر، لأنه يطوف بكثرته في نواحي الأرض قال الراجز:
أفناهم طوفان موت جارف (2) شبه الموت في كثرته بالطوفان. ثم اخبر تعالى انه أنجى نوحا والذين ركبوا معه السفينة من المؤمنين به، وجعل السفينة آية أي علامة للخلائق يعتبرون بها إلى يوم القيامة، لأنها فرقت بين المؤمنين والكفار والعاصين والأخيار، فهي دلالة للخلق على صدق نوح وكفر قومه.
قوله تعالى:
* (وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير