في العذاب، قال المبرد: و (أهلك) عطف على المعنى، لان موضع الكاف الخفض، ولا يجوز العطف على المضمر المخفوض على اللفظ، ومثل ذلك قول لبيد:
فإن لم تجد من دون عدنان والدا * ودون معد فلترعك العواذل (1) فنصب (ودون) على الموضع. ثم حكى تعالى أن رسل الله لما جاءت * (لوطا سئ بهم) * وقيل في معناه قولان:
أحدهما - سئ بالملائكة أي ساء مجيؤهم لما طلبوا منه الضيافة لما يعلم من خبث فعل قومه - في قول قتادة -.
الثاني - سئ بقومه ذرعا أي ضاق بهم ذرعا، لما علم من عظم البلاء النازل بهم، فلما رأته الملائكة على تلك الصفة * (قالوا) * له * (لا تخف ولا تحزن انا منجوك) * اي مخلصوك ومخلصوا * (أهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين) * اي من الباقين في العذاب. وإنما قال * (من الغابرين) * على جمع المذكر تغليبا للمذكر على المؤنث إذا اجتمعا. وقيل: كانت من الباقين لأنه طال عمرها، ذكره أبو عبيدة، وقالوا له * (إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا) * اي عذابا رجزا * (بما كانوا يفسقون) * ويخرجون من طاعة الله إلى معصيته. ثم اخبر تعالى فقال * (ولقد تركنا منها) * يعني من القرية انه بينه، قال قتادة الآية البينة الحجارة التي أمطرت عليهم. وقال غيره عفو آثارهم مع ظهور هلاكهم * (لقوم يعقلون) * ذلك ويبصرونه ويتفكرون فيه ويتعظون به، فيزجرهم ذلك عن الكفر بالله واتخاذ شريك معه في العبادة.