التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٨٩
نبيه، واعترفوا بما جاء به من عند الله " لنكفرن عنهم سيئاتهم " التي اقترفوها قبل ذلك. ومن قال بالاحباط قال: تبطل السيئة الحسنة التي هي أكبر منها حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل، كما قال " ان الحسنات يذهبن السيئات " (1) والاحباط هو ابطال الحسنة بالسيئة التي هي أكبر منها. والسيئة الخصلة التي يسوء صاحبها عاقبتها. والحسنة الخصلة التي يسر صاحبها عاقبتها. وكل حسنة طاعة لله، وكل سيئة هي معصية له تعالى.
وقوله " لنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون " قال الجبائي: معناه أحسن ما كانوا يعملون: طاعاتهم لله، لأنه لا شئ في ما يعمله العباد أحسن من طاعاتهم لله. وقال قوم: معناه ولتجزينهم بأحسن اعمالهم، وهو الذي أمرناهم به، دون المباح الذي لم نأمرهم به ولا نهيناهم عنه.
وقوله " ووصينا الانسان بوالديه حسنا " معناه أمرناه أن يفعل حسنا وألزمناه ذلك. ثم خاطب كل واحد من الناس، فقال " وإن جاهداك " يعني الوالدين أيها الانسان " لتشرك بي " في العبادة " ما ليس لك به علم، فلا تطعهما " في ذلك. وقيل: نزلت في سعد بن أبي وقاص، لأنه لما هاجر حلفت أمه انها لا يظلها سقف بيت حتى يعود. فنزلت الآية.
ثم قال مهددا للجميع " إلي مرجعكم " أي إلي مالكم " فأنبئكم " أي أخبركم " بما كنتم تعملون " في دار التكليف، ثم أجازيكم بحسبه. ثم قال تعالى " والذين آمنوا " بتوحيد الله واخلاص العبادة له وصدق أنبيائه وأضافوا إلى ذلك الاعمال الصالحات " لندخلنهم في " جملة " الصالحين " الذين فعلوا الطاعات ويجازيهم الله ثواب الجنة.

(1) سورة 11 هود آية 115
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست